للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَولى، ثم القياس الذي عُلِمَتْ مناسبةُ الوصفِ فيه بالتأثير والاعتبار ونحو ذلك، ثم أقيسة الدلالة، ثم أقيسة الشَّبه، ثم الطرديات إن اعتُقِدتْ حجةً.

[ق ١١٤] إذا علمتَ هذا الترتيبَ فالقول المجمل: إن قَويَّ العمومِ مقَدَّمٌ على ضعيف القياس، وقويّ القياسِ مقدَّم على ضعيف العموم، فإن تعارضَ قويان وضعيفان فبحسب قوتهما وضعفهما، وهو كما لو تعارضَ عمومانِ أو قياسان (١)، ولكل مسألةٍ ذَوْق (٢) خاص.

ولما اتسعتْ دلالاتُ الظواهر والأقيسة قال الإمام أحمد: ينبغي للمتكلم في الفقه [أن] يجتنب هذين الأصلينِ المجملَ والقياسَ. وقال: أكثر ما غَلِطَ الناسُ من جهة التأويل والقياس. يعني بالمجمل العامَّ والمطلقَ ونحوَ ذلك، فإن تسميةَ العام والمطلق مجملًا عرفٌ معروفٌ في لسان الأئمة، وهو على وفق اللغة، يقال: أجملتُ الحسابَ: إذا جمعتَه وضممتَ بعضَه إلى بعض حتى يصير جملةً واحدةً. فالعامُّ يَجمع أفرادَه، وتسميتُه مجملًا أظهر من تسمية المبهم الذي لا يبين المراد من لفظه مجملًا، وفي عرف المتأخرين لفظ المجمل يقع على هذا وعلى هذا، وأكثر ما يستعملونه فيما لم يتبين مراده من لفظه. أراد الإمامُ أنه ينبغي له أن يتوقى المسارعةَ إلى الحكم بأحد هذين الأصلين قبلَ الفحصِ والبحثِ عما يُعارِضُه ويُقوِّيه، فإن أكثر الغلط في الأصول والفروع إنما وقعَ من جهة التأويل، وهو الاستنباط من الظواهر، ومن جهة القياس، وهو البحث عن المعاني من غير نصوصٍ قاطعةٍ للاحتمال.


(١) الأصل: «عارض عمومان أو قياس»، والصواب ما أثبتناه.
(٢) الأصل: «دون»!