للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلامٍ مقصودُه تركيبُ عباراتٍ يُقْتَنَصُ بها الباطل أو يُفْحَمُ بها الجاهل، متى سُوْمِحَ صاحبُها في الإطلاق تمكَّن من الرواج والنفاق.

واعلم أن العموم والخصوص وإن كانا في الأصل مصدرين فقد يُوصَف بهما إمّا الفاعل أو المفعول، فيقال: هذا من الخصوص وهذا من العموم، إمّا من المعمومين والمخصوصين، وإمّا من العامّ والخاصّ.

وقول المصنِّف «العمومية» (١)، كأنه ــ والله أعلم ــ جعل العمومَ صفةً، ثم نسبَها على ما [ق ١٤٧] أوجبَها، كما يقال: فيه عاميَّةٌ أي حالٌ منسوبة إلى العامَّة، فجعلَه من العموم [على] تقدير «ولئن منع كونه عمومًا» أي كونه عامًّا. وهذا كلام معترض، ليس هو المقصود.

قال: «ولئن منع العمومية، فيقال: إنه ثابتٌ في صورة التخصيص، إذ التخصيص غير ثابتٍ بدونه بالنافي للتخصيص، أو لأن أحدَ الأمرين لازم، وهو إمّا عدمُ النصِّ العامِّ أو تحقُّقُ موجبِه إمّا بالضرورة أو بالنصّ، فإنّ الحال لا يخلو عن وجود النصَّ أو عدمه».

اعلم أن منع العموم يحتمل شيئين:

أحدهما: منع عموم اللفظ العام لصور التخصيص، وهذا منعٌ صحيح يَستحقُّ الجواب، إذ اللفظ لا يثبت أنه متناول لذلك الفرد حتى يثبت عمومُه. والذي دلَّ عليه جميعُ السلف وعامَّةُ الخلف من طوائف العلماء على اختلافِ اعتقاداتِهم وتفنُّنِ عُلُومِهم، بل الذي عليه طبقاتُ بني آدم أن هذه


(١) الأصل: «العموم»، والمثبت يقتضيه السياق، وهو لفظ المصنف، والكلام كلّه حول تحقيق مثل هذه الكلمات.