للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا منعتُك ثبوتَه على التقدير الذي قِسْتَ عليه، وأنا قد بينتُ أنه تقدير غير واقع، فتكون قد قستَ على تقدير غير واقع، فلا يكون الحكم ثابتًا على تقدير غير واقع، فلا ينفعك ثبوته في نفس الأمر حينئذٍ.

فتبيَّن بهذا أن أصل التقدير وإن كان غيرَ واقعٍ مقبولٌ على ما بيَّناه، لكن إذا قُبِل فالسؤال الوارد عليه من جنسه جيّد، والتفصِّي عنه غير مستقيم، بل السؤال يَقدح في ذلك التقدير.

قال المصنف (١): (على أن الأصل لا يكون راجحًا، إذ لو كان راجحًا لكان الرجحان مختصًّا بالأصل، على معنى أنه يكون راجحًا على الغير فرعًا ونقضًا، بخلافِ كلّ واحدٍ منهما، ولا يكون الرجحان مختصًّا بالأصل، لأن الغير راجح أو هو غير راجح، لقيام الدليل على أحدهما، وهو المناسبة مثلًا) (٢).

هذا جوابٌ ثانٍ من المستدل للمعترض عما قرَّره من أن الحكم في الأصل لا يُضاف [ق ٧٩] إلى المشترك، لما فيه من الرجحان على الفرع، ومعناه أنه لو كان الأصل راجحًا لكان الرجحانُ مختصًّا به، بمعنى أنه راجحٌ على صورة الفرع وراجحٌ على صورة النقض، وهو الحُلِيُّ وثياب البِذْلة مثلًا. أما رجحانُه على صورة النقض فبالاتفاق، وأما رجحانه على الفرع فلأن التقدير ذلك هو تقدير رجحانِه على الفرع، فعُلِمَ أنه لو كان راجحًا على الغير الذي هو الفرع والذي هو صورة النقض بخلاف كلّ واحدٍ منهما فإنه


(١) في الأصل: «إنه هو».
(٢) «الفصول» (ق ٥ أ).