للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمناسبة، إلى آخر ما مرَّ في فصل القياس سؤالًا وجوابًا).

اعلم أن المختار أن النص إذا خُصَّتْ منه صورةٌ جاز أن يُلْحَق بها في التخصيص ما شاركَها في معناها، وهؤلاء الجدليون أصحاب هذه الطريقة لا يستعملون من الأقيسة المخصّصة إلا هذا، وهو قول أكثر الحنفية، فمن أحبَّ المناظرةَ العلمية فله أن يقول: لا أسلِّم جوازَ التخصيص بالقياس أصلًا، لحديث معاذ (١) إن كان ممن ينصر هذا القول، وإن كان ممن ينصرُ الجوازَ مطلقًا فله أن يقول: أنا أَخُصُّ منه (٢) صورة كذا وكذا، وإن لم يكن قد خُصَّ منه شيءٌ، لأن القياس حجة شرعية دالة على خصوص الحكم بنفسه، فيجب تقديمه على العموم، كما يجب [تقديم] خبر الواحد، لأن تقديمَ العموم يقتضي إبطال القياس بالكلية، وتقديم القياس يَبقى معه العملُ بالعموم فيما عدا صورة التخصيص، والجمع بين دليلينِ أولَى من إلغاء أحدهما.

ومن قال بقياس التخصيص دون سائر الأقيسة ــ وهم الحنفية وهؤلاء الجدليون ــ قال: العامُّ قبل التخصيص نصٌّ في أفراده، حقيقةٌ في مسمَّاه وآحادِه، لأنه متناولٌ لكل واحدٍ بعمومه، ولم يُعارِض عمومَه في شيء من الأفراد نصٌّ، ولا إجماعٌ يخالفه، فلا يجوز أن تُعارَض نصوص الكتاب والسنة بالأقيسة. أما إذا خُصَّ فقد صار مجازًا، وبطلَ الاحتجاجُ به عند


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٣٠، ٢٤٢)، وأبو داود (٣٥٩٣) والترمذي (١٣٢٨) من طرقٍ عن شعبة عن أبي عون الثقفي عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ. قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل. وانظر تفصيل الكلام عليه في «الضعيفة» (٨٨١).
(٢) الأصل: «عنه».