للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: ولِمَ قلتَ: إنّ القياس يُوجِبُ تخصيصَ العام، ولم تَذكر عليه دليلًا، والدليل على خلافِه أن المقتضي لوجوب سائر الصور موجود، وهذا اللفظ العام المجرَّد عن قرينة التخصيص للصورة التي لم تُخَصَّ.

وإنما قلنا: إن هذا هو المقتضي لأن المقتضي إما اللفظ المطلق كما ذكرناه، أو اللفظ بشرطِ بُقْيَاه على العموم، فلو كان شرطًا لم يَجُزْ لأحد أن يستدلَّ بالعموم على فردٍ من أفراده حتى يعلم أن سائر الأفراد مرادة منه، [و] حتى يعلم أن الفرد الأول مراد، فيتوقف العلم بإرادة كل واحدٍ من الأفراد على العلم بإرادة الآخر، وهو دور باطل.

فإن قلتَ: الشرط هو عدم التخصيص [ق ١٢٠] لهذا الفرد ولسائر الأفراد، لا العلم بإرادته.

قلتُ: فعلى هذا لا يجوز الاستدلالُ به على فردٍ حتى أبحث عن جميع أفراد العام، وأبحث عن جميع المخصِّصات لجميع الأفراد، فإذا لم أجد شيئًا من المخصِّصات لشيء من الأفراد عملتُ به في صورة واحدة. ومعلومٌ أن أفراد العام قد تفوق الإحصاءَ والعدَّ، والأدلة المعارضة لحكم العموم في كل فرد قد تتعدد وتكثر، فلو لم يَجُز العمل بالعام في صورة من الصور إلا بعدَ أن يُعلَم أو يَغلِبَ على الظن انتفاءُ كلِّ ما يعارضُ العمومَ في كل فرد من أفراد العموم= لتوقفَ الاستدلالُ به على طرفي البرّ، ومعلومٌ أن هذا فاسد.

وأيضًا فإن الصحابة والتابعين أجمعوا على العمل بالعمومات المخصوصة في الكتاب والسنة، إذ قيل: إن أكثر العمومات مخصوصةٌ، ولو لم يكن المقتضي للعمل بها ثَمَّ لما جاز العمل بها بدون المقتضي، والمقتضي