للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم في صورة النقض، ولعمري جميع التقادير هكذا، لما بيّنا من فسادِ الملازمة.

ومثال ذلك على ما قصَدَه الجَدَليُّ: أن يكون قد قال قائل بقول إحدى الطائفتين في صورة النقض، وبقولِ الأُخرى في الفرع، مثل أحد قولَي الشافعي وأحمد، وقول كثيرٍ من أهل العلم بوجوب الزكاةِ في الحليّ، وبالوجوب في مالِ غيرِ المكلَّف. فلو قال: إن كان العدمُ ثابتًا في صورة النقض ــ وهي مال الصبي والمجنون ــ لزِمَ تحقُّق الوجوبِ في الفرع وهو الحليّ؛ لعدم القائل بالعدم في الموضعَيْن، أو الوجوب في الموضِعَين.

قيل له: قد قال بالوجوب فيهما طائفةٌ من أهل العلم في المذاهب المتبوعة في هذا الزمان وغيرها (١).

وأَبْيَنُ من هذا المثال أن يُقال في مسألة وجوب القَوَد على المكره (٢): يجبُ القَوَد قياسًا على المختار، فقال: ينتقضُ بقتل المسلم الذمِّيَّ، وقتل الحرِّ العبدَ، فلا يمكنه أن يقول: إن كان عدمُ الوجوبِ متحقِّقًا في صورة النقض لزم الوجوب في الفرع، لعدم القائل بالفرق؛ لأنَّ الشافعيَّ في قولٍ له لا يوجب (٣) القَوَد في الجميع، وزُفَر يوجب القَوَد في الجميع. وإنما كان هذا أَبْيَن؛ لأنَّ المسألة الأولى لم يَقُل [فيها] بالعدم في الموضعين أحدٌ في


(١) كذا في الأصل، وعليه فيكون الضمير عائدًا على المذاهب. ولو كانت «وغيره» لكان أنسب، ويعود الضمير إلى الزمان.
(٢) انظر في مسألة القَوَد على المكره: «المهذب»: (٢/ ١٧٧)، و «المبسوط»: (٢٤/ ٧٢).
(٣) الأصل: «يجب»، ولعل الصواب ما أثبت بدليل ما بعده.