للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندكم في تلك الصورة وعندنا في هذه الصورة، فنقول: ما ذكرتم مُعارَض بمثله، بخلاف ما ذكرنا؛ لأنا نتمسَّكُ بقول كلِّ واحدٍ من المجتهدين على انتفاء المجموع).

حاصله: أن المعترض يقول: المجموع، وهو الجواز في الموضعين متحقِّق بالإجماع؛ لأنَّ الحجازيَّ يقول بالجواز في البِكْر البالغة، والعراقيَّ يقولُ بالجواز في الثيب الصغيرة، فقد أجمعوا على الجواز في الموضعين.

ولا شكَّ أن هذا كلامٌ فاسد؛ لأن تحقُّق الشيءِ المركَّب بالإجماع إنما معناه أن يتحقَّق كلُّ جزء من أجزائه بالإجماع، فأما تحقُّق بعضِ أجزائه بقول مجتهد، وتحقُّق الجزءِ الآخر بقول مجتهدٍ آخر، فليس هذا تحقُّقًا له بالإجماع، وإنما هو تحقُّقٌ لكلِّ جزءٍ من أجزائه عند العلماء. وهذا الذي قال بالجواز هنا ليس هو الذي قال بالجواز هناك، وإنما هو آخر، فصار هذا قائلًا بالجواز هنا، وذاك قائلٌ بالجواز هناك، فلم يُجْمعوا على الجواز لا هنا ولا هناك. [ق ٣١٣] ولهذا عارَضَه المستدلُّ بمثل كلامه بأن يقال: المجموعُ منتفٍ بالإجماع؛ لأن الحجازيَّ (١) يقول بالنفي في الثيب الصغيرة، والعراقيَّ يقول بالنفي في البكر البالغة، فصار هذا الإجماع، وهو قول كلِّ طائفة في صُوَر يصحُّ ادعاؤه في النفي والإثبات، فلا يكون حجة؛ لأنَّ الحجة لا تدلُّ على النقيضين، بخلاف الإجماع المركَّب، فإن كلًّا من المجتهدين قال بالنفي في صورةٍ والإثبات في الأخرى، فمن ادعى الإجماع على نفي المجموع، أو ملازمة النفي الإثباتَ فقد أخذَ بقولِ كلِّ مجتهد؛ لأن


(١) الأصل: "الحجازيون"، وما أثبته الصواب.