للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول الخلفاء أو الشيخين، وليس هذا موضعَ استقصاءِ ذلك.

وإن لم يخالفه صحابيٌّ آخر، فإن اشتهر قوله في الصحابة، ولم يخالفوه، فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء أنه يكون إجماعًا، ومنهم من قال: لا يكون إجماعًا، بل يكون حجةً، وقال طوائف من المتكلمين وبعض الفقهاء: لا يكون حجةً ولا إجماعًا، وليس هذا موضعَ الكلام في ذلك؛ لأنه ليس هو مقصود الفصل.

وإن لم يشتهر قولُه أو لم يُعْلَم أنه اشتهر؛ فهنا اختلف الناسُ، فالظاهر من مذاهب فقهاء السلف أنه حجة، وذلك ظاهر في فتاويهم وأحكامهم، وهو قول جماهير الأئمة المتبوعين؛ قولُ أكثر الحنفية، مثل محمد بن الحسن وغيره، ويُروى عن أبي حنيفة نفسه، وهو مذهب مالك وأصحابِه، وإسحاق بن راهويه، وأبي عُبيد، وخلائقَ من السلف، وهو المشهور عن أحمد بن حنبل وأصحابه، وهو أَحَدُ قولي الشافعي، ويقال: إنه القول القديم، وفي ذلك نظر؛ لأن في كتابه الجديد ما يدلُّ على أنه احتج به، لكن أكثر ما يحتج في الجديد بأقوال الصحابة يعضده بضروبٍ من الأَقْيسة (١).

وقد روى الربيعُ عنه أنه قال: «المُحْدَثات من الأمور ضربان:

أحدهما: ما أُحْدِث يخالف كتابًا أو سُنة أو إجماعًا أو أثرًا، فهذه البدعة


(١) انظر لمسألة قول الصحابي والأقوال فيها: «العدة»: (٤/ ١١٧٨ - ١١٩٧)، و «قواطع الأدلة»: (٣/ ٢٧١ - ٢٩٥)، و «المسوَّدَة» (ص ٣٣٥ - ٣٣٧)، و «إعلام الموقعين»: (٥/ ٥٤٦ - ٥٨١ و ٦/ ٥ - ٤٠)، وأفردها العلائي ببحث مستقل سماه «إجمال الإصابة في أقوال الصحابة».