للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضلالة» (١). والربيعُ إنما أخذَ عنه بمصر [ق ٢٩٢] وقد جعل مخالفةَ الأثر الذي ليس بإجماع ضلالة.

قال بعضُ علماء المالكية: أهلُ الأعصار مجمعون على الاحتجاج بما هذا سبيلُه، وذلك مشهور في رواياتهم وكتبهم واستدلالاتهم على أحكام الحوادث.

وذهب بعضُ الحنفيَّة وبعضُ الحنبليَّة وطوائفُ من الشافعية إلى أنه ليس بحجة، وهو أحد القولَين عن الشافعي وأحمد، وهو قول كثيرٍ من المتكلِّمين أو أكثرهم؛ لأن الصحابيَّ مجتهد من المجتهدين يجوز عليه الخطأ، فلا يجب تقليده، ولا يكون قولُه حجة كسائر المجتهدين؛ ولأن الأدلَّة الدالَّة على إبطال التقليد تعمُّ تقليدَ الصحابة ومن دونهم؛ ولأن التابعيَّ إذا أدرك عصر الصحابة اعْتُدَّ بخلافه عند أكثر الناس، فكيف يكون قول الواحد منهم حجةً عليه؛ ولأنَّ الأدلة قد انحصرت في الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب، وقولُه ليس واحدًا منها؛ ولأن امتيازَه بكونه أفضل أو أعلم أو أتقى ونحو ذلك، لا يوجِبُ وجوبَ اتباعه على مجتهدٍ آخر، كعلماء التابعين بالنسبة إلى من بعدهم.

واختلفوا ــ أيضًا ــ فيما إذا قال قولًا لا (٢) يخالفُ القياسَ هل يُحمل على أنه قاله توقيفًا، وذهب أكثرُ الشافعية وطوائفُ من الحنبلية إلى أنه لا يجب اعتقادُ كونه قاله توقيفًا، والغرضُ الآن بيان قوله المجرَّد، هل هو حُجة أم لا؟


(١) أخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن» (ص ٢٠٦).
(٢) كذا، والظاهر أن «لا» مقحمة، والسياق يدلّ أن المقصود إذا قال قولًا يخالف القياس، وانظر (ص ٥٥٦).