للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقادير الجائزة).

اعلم أن هذا اصطلاحٌ لأهل الجدل، يُقَسِّمون الاستصحاب إلى:

استصحاب حال، وهو استدامة ما تحقَّقَ في الزمن الأول في الزمن الثاني.

واستصحاب الواقع، وهو استصحابُ ما هو واقع في نفس الأمر على كلِّ تقدير لا ينافيه، أو على كلِّ تقديرٍ جائز. وإنما فتحوا هذا [الباب] لكثرة استعمالهم التقديرات التي تنشأ [ق ٣٢٠] منها المغالطات.

وفي الجملة؛ فهي قاعدة صحيحة؛ لأنَّ كلَّ ما هو واقع في نفس الأمر فإنه واقع على كلِّ تقدير لا ينافيه، فهي قاعدة برهانية، كقولنا: الأصلُ في كلِّ ثابتٍ بقاؤه على ما كان ما لم يُغيِّره مُغَيِّر، وذلك لأنَّ الشيء (١) إذا كان واقعًا في نفس الأمر، فإمَّا أن يكون ثابتًا في نفس الأمر أو منتفيًا، فإن كان ثابتًا، فإما أن يكون واجبَ الوجود، أو ممكن الوجود؛ لأن الممتنع لا يكون موجودًا، فإن كان واجبَ الوجود كان فرضُ عدمِه على تقديرٍ لا ينافيه محالًا؛ لأن التقديرَ الذي لا ينافيه لا يقتضي عدمه، ووجوبُ وجودِه يقتضي وجودَه، وإذا كان المقتضي للوجود ثابتًا، وليس هناك ما يقتضي عدمه= وجبَ وجودُه بالضرورة.

وإن كان ممكنَ الوجود والتقدير أنه موجود، فلا بدَّ أن يكون قد وجبَ سببُ وجودِه؛ لأن الممكن لا يصير موجودًا إلا بما يقتضي وجوده، وإذا كان المقتضي لوجودِه موجودًا، فكلُّ تقديرٍ لا ينافي وجوده، فإنَّ المانع من


(١) الأصل: "لأن حكم الشيء"، ثم ضربَ على كلمة: "حكم".