للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلٌ للفعل على الوجه المشهور، فلم يُنْطَق قَبْلهما باسم يشتقان منه، فلو أضيفا لأضيف الأصل إلى الفرع، وذلك لا يجوز، بخلاف المواضع التي نُطِقَ فيها بالاسم قبل المصدر. ألا ترى أن قولك: «ضارب» و «قاتل» إنما يَنطِق به من نَطقَ بقتل وضرب، وقولك: «عبد» و «رجل» ينطق به قبل الرجولية وقبل العبودية. وقولهم: «الخُصوصية» و «الخَصوصية» فهو ــ والله أعلم ــ ليس بمصدر، وإنما هو الصفة والحال التي أوجبها المصدر، فإن [ق ١٤٥] من خُصَّ بأشياءَ فلا بدّ أن تبقى له صفة أوجبها الخصوص.

السادس: أن هذه الألفاظ فيها تكلُّفٌ وتقعُّرٌ وتنطُّعٌ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الله يُبغِض البليغَ من الرجال، الذي يتخلَّل بلسانِه كتخلُّل الباقرةِ بلسانها» (١). وقال: «إنّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مجلسًا منّي يوم القيامةِ الثَّرثارون والمتفيهقون المتشدِّقون» (٢). وهي تُفضِي إلى اللَّدَد، وفي «الصحيحين» (٣) عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أبغضَ الرجال إلى الله الألَدُّ الخَصِم». وفي «صحيح مسلم» (٤) عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هلَكَ المتنطِّعون» قالها ثلاثًا. وفي «الصحيحين» (٥) عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أهل النار كلُّ جعظريّ جَوَّاظٍ مستكبرٍ».


(١) أخرجه أحمد (٦٥٤٣، ٦٧٥٨) وأبو داود (٥٠٠٥) والترمذي (٢٨٥٣) عن عبد الله بن عمرو، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٢) أخرجه أحمد (١٧٧٣٢، ١٧٧٤٣) وابن حبان (٤٨٢، ٥٥٥٧) من حديث أبي ثعلبة الخشني، والترمذي (٢٠١٨) عن جابر وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٣) البخاري (٢٤٥٧) ومسلم (٢٦٦٨).
(٤) برقم (٢٦٧٠).
(٥) البخاري (٦٠٧١) ومسلم (٢٨٥٣) عن حارثة بن وهب.