للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما لا يجتمعان بعينِ ما ذكرتُم).

وهو كما قال، فإنهم تارة يثبتون نفي اجتماع العدم والوجوب بالنص الدال على الوجوب مثلًا في صورة العدم، كما تقدَّم من أدلتهم على الوجوب على الفقير في التلازم، كقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، أو {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] والدالُّ على الوجوب في تلك الصورة دالٌّ على أن العدم فيها والوجوب في الأخرى لا يجتمعان؛ إذ لو اجتمعا لثبتَ العدمُ فيهما (١)، وهو خلاف مدلول الدليل.

أو بالنصِّ الدالِّ على العدم في صورة الوجوب المختَلَفِ فيها، كقوله: «لا صَدَقَة إلا عن ظَهْرِ غِنًى» (٢)، و «ابدأ بنفسِك» (٣)، ونحو ذلك. ومتى ثبتَ العدمُ فيها ثبتَ أن الوجوب فيها والعدمَ في الأخرى لا يجتمعان.

وتارةً يثبتونه بالقياس، سواءٌ كان وجوديًّا أو عدميًّا، مثل: أن يقيس الوجوب على الفقير على الوجوب على المَدِيْن، أو عدم الوجوب على


(١) الأصل: «فيها».
(٢) أخرجه بهذا اللفظ أحمد: (١٢/ ٦٩ رقم ٧١٥٥)، والنسائي في «الكبرى» كما في «تحفة الأشراف» (١٠/ ٢٦٢)، وذكر الحافظ في «التغليق»: (٣/ ٤٢٠) أنه لم يقف عليه بهذا اللفظ لا في «المجتبى» ولا في «الكبرى». وعلَّقه البخاري في كتاب الوصايا «الفتح»: (٥/ ٤٤٣) مجزومًا به من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وفي سنده عبد الملك بن أبي سليمان العرزَمي، فيه كلام من جهة حفظه، وباقي رجاله ثقات. وقد أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رقم (١٤٢٦) بلفظ: «خير الصدقة ما كان عن غنًى ... ».
(٣) أخرجه مسلم رقم (٩٩٧) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.