للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصورة التي قِسْت عليها فاستويا في عدم الوجوب في الصورة التي نقضتَ بها، كان ذلك دليلًا على صحة الجمع بينهما.

وهذا كلامٌ صحيح من جهة الفقه، وإنَّما اختلفوا في قبوله في الجدل، على خلافٍ مشهورٍ في الأصول (١) والجدل.

فإن قيل: قولُ المستدل: إن كان الوجوب ثابتًا في مضروب الصبيَّة لم أُسَلِّم أنَّ الحكم في الحلي مُنِع على خلاف الأصل، فلا يُسْمع، فإنَّ الحليّ لا زكاة فيه اتفاقًا، والحكمُ إذا اتُّفِق عليه لم يَجُز منعُه على تقديرٍ من التقادير، لاسيَّما وهو منع الجمع عليه على تقديرٍ ممكن، فإن الوجوبَ في مضروبها ممكن؛ لأنه مختلَفٌ فيه.

فالجواب من وجوه:

أحدها: لا نُسَلِّم أن عدمَ الوجوب في حُلِيِّها متفقٌ عليه، بل هو قولٌ معروفٌ، وهو قول الشافعي، ورواية عن أحمد، ومذهب كثير من العلماء كإسحاق بن راهويه وغيره ممن يوجبُ (٢) الزكاةَ في الحلي، وفي مال الصبيِّ والمجنون، لكن هذا المنع يختصُّ بمثل هذه الصورة.

الثاني: أنِّي إنَّما منعتُ الوجوبَ على تقدير الوجوبِ في مضروبها، وهذا التقديرُ غيرُ واقعٍ عندي؛ لأن عندي لا تجبُ الزكاة في مضروبها. فإذا قلتُ: تجب الزكاة في حليِّها ــ وهو قول باطل ــ على تقدير الوجوب في


(١) بالأصل: «الأصل»!
(٢) كذا في الأصل، وهو لا يصح! لأن إسحاق ومن ذكرهم المصنف قبله يرون أنه لا زكاة في الحلي، كما في «المغني»: (٤/ ٢٢٠) وغيره، فيكون صواب العبارة: «ممن [لا] يوجب». أو أن الساقط غير ذلك فاختل بسببه المعنى.