للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصلحةٌ بتقدير الامتثال. وبين حكم الأمر بتقدير الامتثال وحكمِه بتقدير المخالفةِ فرقٌ بيِّنٌ.

ثم إن المصلحة التي في موافقة الأمر لها ثلاث جهات:

إحداها (١): أن تنشأ من الأمر فقط، فتكون المصلحة اعتقاد الوجوب والعزم على سبيل الامتثال وما يترتب على ذلك فقط، وإن لم يُوجَد الفعل المأمور به، كأمرِ إبراهيم بذبح ابنه، وكأمر من علم أنه يموت قبل وقت الأمر أو يحال بينه وبينه. وأحالت القدريةُ هذا الوجه، وينبني على ذلك نسخُ (٢) حكم الفعل قبل التمكن ومسائلُ كثيرة.

الثانية: أن تنشأ من ذاتِ الفعل المأمور به من حيث هو هو، حتى لو حصل بدون الأمر لكانت تلك المصلحة حاصلةً، ككتاب الدَّين والإشهاد عليه، والاحتراز من العدوّ، وأكل ما يقيم الصلب، ولباس ما يَقي الحرَّ والبأسَ، والاستعفاف بالنكاح، وصلات ذات البين، ونحو ذلك من الأمور التي فيها مصالح ظاهرة في الدنيا، إذا فُعِلتْ حصلت تلك المصالح. وكذلك في المنهيات، مثل النهي عن أكلِ السُّموم وقتل النفس ونحو ذلك. وكثيرٌ من الأفعال المأمور بها أو أكثرُها كذلك، لكن مصالحها غير معلومةٍ لأكثر الناس بل ولا لجميعهم، وربما علموا بعضَ مصالحها دون بعض. وفي هذا القسم يتسع مجال المناسبة. وقد أنكرَ هذا القسم من أَبَى التعليلَ من غُلاةِ المجبِّرة.


(١) الأصل: «أحدها».
(٢) الأصل: «فسخ».