للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي ــ أيضًا ــ أقربُ إلى طريق النظر والاجتهاد [ق ١٧٧] فإن المستدلَّ بينَه وبين نفسِه لا يحتاج إلى النظر في الأشياء الخارجة عن المقصودِ الخاصِّ بتلك المسألة، لكن آفةُ هذه الطريقة الاستدلالُ على عِلِّية المشترك بمجرَّد ما يدَّعِيه من المناسبة العامة والدوران العام، كما يفعلُه هؤلاءِ أربابُ الجدلِ المُحدَث، وأن هذا لا يُقبَل حتى يُبَيِّن أن الشارع يعتبر مثل ذلك المناسب بِعَينه في غير الأصل المقيس عليه، فإن أقرَّ أنَّ الحُكْمَ به في الأصل يعارضه تخلُّفُ الحكم عنه في صورةِ النَّقْض، فليس أن يكون علة للمقارنة في صورةٍ بأولى من أن لا يكون علة للمفارَقة في صورة أخرى، فإنَّ عدم الاقتران يدلُّ على عدم التأثير أبلغ من دلالة الاقتران على التأثير، فلا بُدَّ حينئذٍ من تحقيق المناسب، ولا يُكْتَفَى ممن يدَّعي المناسبةَ مجرَّدُ ذِكر صفة عامة تختلف (١) الحكم لمراتٍ متعددة.

وأما الدوران فأبعد وأبعد، فإنَّ الحكم لم يَدُر مع الوصف في جميع الصور غير صورة النزاع، ليستدل بكونه مَدَارًا في تلك المواضع على العِلِّية، فإذا رأينا الوصفَ موجودًا ولا حكم ثمَّةَ (٢) لم يكن مدارًا.

قال الجدليُّ (٣): (ثم النقض قد يكون معيَّنًا مفردًا كان أو مركبًا، وقد لا يكون كذلك (٤)).

واعلم أنَّ المعترض إذا ذكر أن الحكم متخلِّف عن الوصف المدَّعَى


(١) كذا بالأصل. ولعلها: «تقارن» أو «تجامع».
(٢) الأصل: «لمن» ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣) «الفصول» (ق ٧ أ).
(٤) «كذلك» ليست في «الفصول».