للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأقوال لاشتراكها في قائل واحد، فإن عنيْتَ أن لا قائل بالفرق [ق ١٩٥] بين قولَي عالمٍ واحدٍ في مسألتين متبايِنَتَين، فهذا خلافُ إجماع الأمة، بل خلاف إجماع العقلاء (١)، بل خلاف المعلوم بالاضطرار، فإنه ما من أحدٍ من علماء الصحابة والتابعين وسائر الأئمة إلا وقد قال بالفرق بين مقالاته في المسائل خلقٌ من العلماء بَعْدَه، بحيث يفرِّقون بين أقواله في الحوادث المتابينة. وهذا إجماعٌ من الأمة على ثبوت القول بالفَرْق بين الأقوال.

وإن قلتَ: إنما أعني به: أن لا قائل بالفرق (٢) بين قولَي هذَيْن العالِمَين في هاتين المسألتين، فإني أُخْبر بأن هذا لم يقع.

قيل لك: وليس من شرط التفريق بين قولَي العالم في المسائل المتباينة تقدُّم قائلٍ بالفَرْق، فإن ذلك لو كان شرطًا لزم التسلسل، أو بطل جواز التفريق بين قولَي القائل في حادِثَتَين مُخْتَلِفَتين بعده، وكلاهما معلوم الفساد.

وإذا تبيَّن فسادُ هذا الأصل، فقوله: «إذا لم يكن ثابتًا ثمَةَ يكون ثابتًا هنا إجماعًا».

قلنا: لا نُسَلِّم التلازم، والعلمُ بعَدم التلازم بديهيُّ ضروريُّ، وهو مُجْمعٌ عليه، فإنَّ الأُمةَ مُجمعة على أنه لا يلزم من القول بعدم إيجاب الزكاة في الحلي إيجاب الزكاة في (٣) مال الصبيِّ والمجنون؛ إذ الدليل لابُدَّ أن


(١) الأصل: «العلماء»، وهو سهو، والذي يقتضيه سياق العبارة ما أثبتّ، ويدل عليه ما سيأتي (ص ٣٦٥ - ٣٦٦).
(٢) الأصل: «فرق» ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) الأصل: «وفي»، والصواب حذف «الواو».