للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن المعنى المرادَ من اللفظ لا بدَّ أن يكون جائزَ الإرادة؛ لأنه لو [لم] يكن جائزَ الإرادة لكان ممتنع الإرادة، والممتنع غيرُ واقع، فلا يكون مرادًا، وهذا ظاهر كما ذكره.

لكن لفظ «إلَّا وأن يكون» ليس بلفظٍ جَيِّد، وكان حقُّه أن يقول: «إلَّا ويكون»، أو: «إلا أن يكون»، كما يعرفه أهلُ العربيَّة.

وقوله: «والمعنى من جواز الإرادة أنه لو ذكر وأراد ما أراد لا يُخَطَّأ لغةً».

وهذا في كلام الله، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكلام أهل العلم الذين يَنْتَحونَ في كلامهم نحوَ اللغةِ العربية، وإلَّا فكلامُ العامة في العقود والأيْمان ونحو ذلك يكون المعنى جائز الإرادة منه مع تَخْطِئتهم لغةً.

واعلم أنَّ هذا التفسير قد يتوجَّه، وقد يُناقَشُ صاحِبُه بأن يقال: دلالةُ اللفظِ على المعنى يكون باعتبار الحقائق الثلاث: اللغوية والشرعية والعرفية، فلو ذكر اللفظَ وأرادَ [ق ٢٥٠] ما يدلُّ عليه بطريق الحقيقة الشرعية أو العرفية (١) لخُطِّئ لغةً، إلَّا أنَّه قد يقول: الحقيقةُ الشرعية والعرفية لغةٌ أيضًا. ويَرِدُ عليه ــ أيضًا ــ أن المعاني التي تستحيل من الشارع أن يريدها بكلامه مع صلاح اللفظ لها معاني لو ذكر اللفظ وإن بدت منه لم يُخَطَّأ المريد لغةً، وهو (٢) مخطئ الإرادة إما عقلًا أو شرعًا.

وجميعُ وجوه الخطأ منفيةٌ عن الشارع، فلا يكون جائز الإرادة، وهذا


(١) الأصل: «العربية»!
(٢) الأصل: «وهي»!