ذكرتم، فإنه لا يمكن أن يقال: لا وجودَ لهذا ولا لذلك في نفس الأمر، كما يمكن في الوجوب على الفقير).
قلت: حاصلُ هذا أن المعترض قد عارضَ بهذه المعارضة المطلقة، فقال: لا تجب الزكاةُ على الفقير على تقدير الوجوب على المدين، لأن أحد الأمرين لازمٌ: إما وقوعُ ما هو واقعٌ على ذلك التقدير في الواقع، بمعنى أنَّ ما وقع على التقدير فإنه واقعٌ في الواقع، أو وقوع ما هو الواقع في الواقع على تقدير الحكمِ في صورة الفقير وعدمِ الحكم فيها، بمعنى أن ما وقعَ في نفس الأمر فإنه واقعٌ على تقدير الحكم في فصل الفقير وعدم الحكم فيه.
وإنما قلنا: إن أحد الأمرين لازمٌ، لأنّ الأدلةَ قد دلَّت على ذلك من النصوص والأقيسة وغيرها، فإنها تدلُّ على وقوع ما هو الواقع على التقدير في الواقع من الأحكام ثبوتيَّةً كانت أو عدميَّةً، فإنّ ما دلَّ على وقوع تلك الأحكام على التقدير فإنه دالٌّ على وقوعها مطلقًا. وكذلك يدلّ على وقوع ما هو الواقع في الواقع على تقدير الحكم في فصل الفقير وجودًا وعدمًا، فإن ما دلَّ على وقوع تلك الأمور الواقعة دلَّ على وقوعها على تقدير الأحكام الثابتة في نفس الأمر في فصل الفقير، فإنه دلَّ على وقوعها على كل تقديرٍ واقع، وما هو الثابت في فصل الفقير هو الواقع في نفس الأمر. وإنْ [أحد] الأمرين لزمَ لم يثبت الوجوب على الفقير على ذلك التقدير، أما إذا لزمَ الأولُ ــ وهو وقوعُ ما وقعَ على التقدير في الواقع ــ فإنه لو وقعَ الوجوبُ على التقدير لتحقَّقَ في الواقع، وهو لم يتحقق في الواقع، فلم يتحقق على التقدير. وإن لزمَ الثاني ــ وهو وقوع ما هو الواقع ــ فيلزم وقوعه على التقدير.