للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحُجَّةُ من يحتجّ بهذا الإجماع المركَّب، فيقول: الإجماعُ منعقد على انتفاء المجموع، وهو الجواز في الموضِعَيْن؛ لأن القائل قائلان: قائل بالجواز هنا (١)، دون الجواز هناك، وقائل بعكس ذلك فيهما، فالجواز في الموضعين أو عدمه فيهما منتفٍ بالإجماع.

والاعتراضُ عليه أن يقال: لا نُسَلِّم أن الإجماع منعقد على انتفاءِ المجموع؛ لأن الإجماع: اتفاق أهل الحلِّ والعقد على حكم حادثة، وهم لم يتفقوا على امتناع اجتماع هذين، ولا على لازمهما، وليس ذلك من لوازم اجتماعهم، وإنما هو اتفاق عارض لإجماعهم، كما لو كان أحدُهم بالشام، والآخر بالحجاز، ونحو ذلك من الأوصاف العديمة التأثير، فإن أحدهم قال: تُجْبَر الصغيرة، ولا تُجْبَر الكبيرة، والآخر قالَ: تُجْبَر البكر، ولا تُجْبَر الثيِّب، فمن قال: تُجْبَر الصغيرة، أو البكر، أو لا تُجْبَر إلا الصغيرة البكر= لم يخرج عن أقوالهم، إذ لم ينطقوا بإجماع على الملازمة.

قوله: "على أن الاختلاف في القولين اتفاق على بطلان قول ثالث، كما في النظائر".

اعلم أنهم إذا اختلفوا في مسألة على قولين كالتحريم والتحليل، لم يَجُز إحداث قول، وهو الإيجاب أو الندب، وكذلك [ق ٣١٢] لو قالوا بالإيجاب والاستحباب لم يَجُز إحداث قول ثالث بالتحريم أو الكراهة، أو استواء الطرفين.

هذا مذهب جميع العلماء من الفقهاء وغيرهم إلا شرذمة لا خَلاقَ لهم


(١) الأصل: "هناك" والصواب ما أثبت، وقد مرّ على الصواب (ص ٥٧٢).