للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: كلٌّ من الصغر والبكارة موجِبٌ للإجبار، فتُجْبَر البكر البالغة للبكارة، والثيِّب الصغيرة للصغر، كرواية معروفة عن أحمد.

ومنهم من يقول: الموجب للإجبار مجموعُ الوصفين، فلا تُجبر إلا البكر الصغيرة خاصة، فأما الثيِّب أو البكر البالغة فلا تُجْبَر، وهذه رواية رابعة منصوصة عن أحمد (١).

وفي الجملة فهذا من أجود الإجماعات المركَّبة، وهو حجة عند كثير من الفقهاء، وفي الحقيقة ليس بإجماع؛ لأنه لو نظر ناظرٌ فرأى صحةَ العِلَّتين حتى قال بالجواز فيهما، أو صحَّة مجموعِ العِلَّتين حتى قال بالنفي فيهما لم يكن هذا محالًا (٢).

مثال ذلك: اختلافهم في أن علة الرِّبا هي التماثل أو الطَّعْم، فلو قال قائل: المجموع هو العلة، كما هو قول ابن المسيب وقول الشافعي ورواية عن أحمد، لم يكن مُحالًا. ولو فرضنا أنه قام دليل على صحة التعليل بكل واحد من تلك العلل؛ لم يكن الأخذُ بذلك مخالفًا للإجماع، فمن (٣) أنعم النظر على صِحَّة قول أكثر الفقهاء في أنه يجوز أن يُؤخذ بقول هؤلاء في مسألة، وبقول هؤلاء في مسألة، فإنَّ العصمة مضمونة للأمة فيما اتَّفقوا عليه، وهم اتفقوا في كلِّ صورة على قولين، والمخالفُ لا يخرج عن ذَيْنِك القولين، ولم يتفقوا على انحصار المأخَذ في كذا أو كذا، أو على التسوية بين الصورتين. وفي الجملة، المسألة في محلِّ النظر، وللكلام فيها مجالٌ رَحْب.


(١) انظر لروايات أحمد: "الإنصاف": (٨/ ٥٦).
(٢) غير بيِّنةٍ في الأصل، وهكذا استظهرتها، ويدلُّ عليه ما بعده.
(٣) كذا.