للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وُجِد مفوِّت للمطلوب كان ذلك إضرارًا، وحيث انتفى المفوِّت للمطلوب لم يكن إضرارًا، فيكون قد دار كون الشيء إضرارًا مع كونه مفوِّتًا للمطلوب وجودًا وعدمًا، فيكون التفويت للمطلوب حقيقة الإضرار، والإضرار منتفٍ بقوله: «لا ضرَرَ ولا إضْرارَ في الإسلام» (١).

والمعنى: لا ضرر ولا إضرار في أحكام الإسلام، بطريق حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مُقامه. ولو ثَبَت الضررُ في هذا الحكم لثبت الضرر في جملة الأحكام، فلم يصح أن يقال: لا ضرر في أحكام الإسلام والضررُ ثابت في واحدٍ منها.

واعلم ــ أصلحك الله ــ أن هذه الطريقة على هذا الوجه مسكتة (٢) من وجوه:

أحدها: أن هذا الحديث الذي ذكره بهذا اللفظ (٣) لا يُعْرف في شيءٍ من دواوين الحديث (٤)، وإنما المعروف ما رواه الإمام أحمد في


(١) تقدم تخريجه (ص ٤٧٩). وقوله في هذا اللفظ: «ولا إضرار» بالهمزة قال الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم»: (٢/ ٢١١) «الرواية الصحيحة: ضِرار بغير همزة، ورُوي «إضرار» بالهمزة، ووقع ذلك في بعض روايات ابن ماجه والدارقطني، بل وفي بعض نسخ «الموطأ» وقد أثبت بعضهم هذه الرواية وقال: ضرّ وأضرّ بمعنى، وأنكرها آخرون، وقالوا: لا صحة لها ... » اهـ.
(٢) كذا ولعلها تحريف لكلمة «فاسدة».
(٣) يعني بزيادة «في الإسلام».
(٤) لكن أخرجه الطبراني في «الأوسط»: (٥/ ٢٣٨) من رواية محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان عن جابر - رضي الله عنه - بهذا اللفظ. قال الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم»: (٢/ ٢٠٩): «وهذا إسناد مقارب وهو غريب. لكن خرَّجه أبو داود في «المراسيل» [رقم (٤٠٧)] من رواية عبد الرحمن بن مِغراء عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع مرسلًا، وهو أصح» اهـ.