للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتماعهما مكانًا وزمانًا، فإذا اجتمعا في محلٍّ واحد في زمانٍ واحد فليسا متنافيين. وإن لم يجتمعا في المحلِّ الواحد إلا في زمانين، أو لم يجتمعا في الزمان الواحد إلا في محلَّين فهما متنافيان. وإن لم يمكن اجتماعُهما لا في محلٍّ واحد ولا محلين، ولا زمانٍ واحد ولا زمانَيْن فهما أشد تنافيًا.

واعلم أنهما قد يتنافيان (١) مطلقًا، وقد يتنافيان [ق ٢٢٦] على بعض (٢) الوجوه، وكثيرًا ما يقع الغلطُ في هذا فيوجد المطلق موضع المقيَّد وبالعكس.

والنَّقِيضان نوعان من المتنافيين، وقد عُلِم أنه لابدَّ في المتناقِضَيْن من اتحادهما (٣) في النسبة التي تناقضا فيها، حتى يلزم من عدم أحدهما وجود الآخر، وبالعكس، وقد فصَّلها بعضُ الناس وعدُّوها ثمانية، ومنهم مَن زعم أنَّ الأقسامَ متداخلة إلى ثلاثة، وقيل: إلى اثنين، وقيل: إلى واحد، وهو الصواب. فالمعتبر أن يكون المثبت هو المنفي، وكل ما اقتضى تغايرهما لم يتحقَّق معه التناقض.

وأما المتنافيان فأعمّ من ذلك، فلا يشترط إلا أن يكون أحدهما بحيث يلزم من وجوده عدم الآخر، سواء كان نقيضه أو ضده.

واعلم أن التنافي إذا صحَّ بطريقٍ شرعيٍّ فإنه طريق من الطرق الصحيحة كالتلازم. وتحقيقُه إنما يكونُ بالمناهج العلمية أو المعاني الفقهية، وهؤلاء المموِّهون يدَّعُونه ويحتجُّون عليه بما لا دليل فيه، والله المستعان.


(١) بالأصل: «يتنافيا»!.
(٢) الأصل: «نقص» والصواب ما أثبت.
(٣) رسمها في الأصل: «ايمادهما»، ولعل الصواب ما أثبت.