للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإرادة».

يعني به: خلافيات أهلِ الجدل المُمَوَّه، وإلا فالخلافيات المشهورة عند كلِّ الطوائف لا يلتفتون فيها إلى هذا الكلام.

ونحن نذكرُ ما احتجُّوا به على هذه القاعدة ونُبيِّنُ تزييفَه، ثم ندلّ على فسادها. وقد احتجَّ لها هذا المصنِّف بشيئين:

أحدهما: أنه دار ظنُّ الإرادة مع جواز الإرادة وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي المواضع التي أريدت [و] في ظنِّنا إرادتها وهي جائزةُ الإرادة، مما لا تنحصر كثرةً، وأما عدمًا ففي المواضع التي لم تُرَد ولم يُظَن إرادتها، وهي غير جائزِة الإرادةِ، وذلك أيضًا مما لا ينحصر، ودوران الأمر مع الشيءِ وجودًا وعدمًا يدلُّ على أنَّ المدارَ عليه الدائر.

وهذا المسلك ليس بشيء؛ لأنَّا لا نُسَلِّم دوران ظنّ الإرادة مع جواز الإرادة وجودًا وعدمًا؛ لأن معنى الدوران: أن يوجد الدائر في كلِّ صورة من صُوَر وجود المدار [ق ٢٥١]، أو في كلِّ صورة تحقَّقْنا وجودَ المدار فيها، وفي صورٍ متعدِّدة، مع عدم تخلُّف الدائر في مواضع لم يكن قد دارَ معه وجودًا (١).

ومعلومٌ أنَّ الصور التي تخلَّف (٢) فيها ظنّ الإرادة عن جواز الإرادة أضعاف أضعاف الصور التي اقترنَ فيها ظنُّ الإرادة بجواز الإرادة، وذلك لأن كلَّ لفظٍ فإنه يجوز أن يُرادَ به كلُّ واحدٍ من مَجازاته، بمعنى أنه لو أُرِيْدَ


(١) لعل في الكلام نقصًا.
(٢) الأصل: «تختلف»، ولعل الصواب ما أثبت.