إرادة الصورة المخصوصة ليس هو عدمًا محضًا، وإنما هو عدم خاص، لا يتحقق فيه لتحققها في لازمه.
الوجه الثاني: أن الشارع لا يُخصِّص العام حتى يَنْصِبَ دليلًا دالًّا على عدم إرادة الصورة المخصوصة عقليًّا أو سمعيًّا أو حسّيًّا، أو غير ذلك الدليل المخصص يخصص منه فيكون ظاهرًا (١)، فإن عدم الإرادة بدون الدليل الدالِّ على عدم الإرادة مع الخطاب العام محال، لأنه تكليفُ ما لا يطاق، ولأنه تدليسٌ وتلبيسٌ، ولأنه يمتنع في مثل هذه الصورةِ العلمُ بالتخصيص، والكلامُ فيما إذا علمنا أنه مخصوص.
الوجه الثالث: هَبْ أن التخصيص أمر عدمي، لكن لِمَ قلتَ: إن المناسبة لا تتحقق في الأمور العدمية؟ فإنا نقول: إنما لم يُرِدِ الشارعُ هذه الصورة لما في إرادتها من الضرر، أو لعدم المصلحة في إرادتها، فيُعلَّل عدمُ الإرادة تارةً بعدم المقتضي وتارةً بوجود المانع، وكلاهما مناسب لعدم الإرادة، فعُلِمَ أن المناسب يتحقق تارةً فيما يريده الشارع ويفعله، وفيما لا يريده بل يتركه.
قوله:«المناسبةُ هي مباشرة الفعل».
قلنا: قد تقدم الكلام على هذا الحدّ، وبينا أنه مدخول، أو أنه جرى مجرى الغالب، إذ إضافةُ المباشرةِ إلى الله وتسميةُ حكمِه فعلًا لا بدَّ فيه من تجوُّزٍ واستعارة؛ وإذا كان كذلك جاز أن يُسمَّى عدم الإرادة فعلًا، كما يُسمَّى الإرادة أو القول فعلًا.