واعلم أن هذا الكلام فاسدٌ أشدُّ فسادًا مما قبله من وجوه:
أحدها: أنه منع ما لا يقبل المنع، وهو قوله:«لا نسلِّم أنه لو تحقق أحدهما لكانت الإضافة متحققة» فإنا قد بيّنا في تقرير السؤال أنه متى لزم إضافة الحكم إلى المشترك أو الحكم في الفرع قد تحقق الإضافة إلى المشترك، لأنه إذا ثبت الحكم في الفرع فالمقتضي له إمّا المشترك أو غيره، أو لا هو ولا غيره، والقسمان الثانيان باطلان بالإجماع وبالنافي وبالأدلة المتقدمة وبالمناسبة وبالدوران، فتعين الأول.
الثاني: أنه منعُ الشيء بعد تسليمه، وذلك غير مقبول، بل هو انقطاع، لأنه قد تقدم قوله: الحكم يضاف إلى المشترك أو إلى ما يحقق الإضافة إلى المشترك، ثم قال: وإنما ندعي لزوم الإضافة إلى المشترك أو لزوم الحكم في الفرع، فلا بدَّ أن يكون الحكم في الفرع يُحقق الإضافة إلى المشترك لئلا يتناقضَ الدعويانِ، فإذا قال بعد هذا: لا نسلّم لزومَ الإضافة إلى المشترك كان منعًا لما ادعاه وسَلَّمه، وهو ثبوت الإضافة إلى المشترك أو ما يُحقّق الإضافةَ إليه، وهو ثبوتُ الحكم في الفرع الذي يُحقّق الإضافة إلى المشترك.
الثالث: أنه لو لم تكن الإضافة محققةً لبطل أصلُ دليله، لأن مَبناه على إضافة الحكم إلى المشترك، فإذا منعه على تقدير صحة دعواه فقد لزم بطلان إضافة الحكم إلى المشترك، أو بطلان تحقق أحد الشيئين: الإضافة أو الحكم في الفرع. وإنما ذلك يُبطِلُ (١) دليله، وبيان ذلك أنه لا يخلو إما أن يتحقق أحدهما أو لا يتحقق، فإن تحقق أحدهما فإما أن تتحقق الإضافة أو لا تتحقق، [ق ١٠٤] فإن تحققتْ بطل هذا المنعُ، وإن لم تتحقق فالإضافة غير