للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصلُه أن المدار لا يثبت أنه علة إلا بشرط انتفاء المزاحم وواحد من ألف مزاحم (١). وأيضًا فإنه إذا اجتمع في الأصل عدة صفاتٍ كلٌّ منها صالحٌ للتعليل، فإضافة الحكم إلى جميعها أولى من إضافته إلى البعض، وحينئذٍ يترجَّح كلامُ السائل في هذه المسألة. ولعلَّنا نعود إلى الكلام في هذا الأصل إن شاء الله.

ولما كان هذا أصلهم فلا بدّ أن يكون المدار الثاني خيرًا من الأول، وكان قد ادَّعَى أولًا أنّ الهتكَ مدارٌ، ثم ادَّعَى ثانيًا أن المشترك مدارٌ. فنقول: المشترك يجوز أن يكون الهَتْك، ويجوز أن يكون غيره، وإن كان الهتك مشتركًا، وهذا ضعيف، فإن دعوى المغايرة غير تجويز المغايرة. ثم إن المشترك مستلزمٌ للهتك، لكن هذا الجواب من جنس السؤال.

قال الجدلي (٢): (ولئن قال: دارَ مع المختصّ، وإلا لما ثبت (٣)، فنقول: دارَ مع المشترك، وإلّا لا يجب ثمة).

هذا سؤالٌ [من] نمط الذي قبله، يقول: دار مع المختص تلك الصورة، إذ لو لم يَدُرْ معه لما ثبتَ وجوبُ الكفارة للأصل الباقي للوجوب السالم عن المعارض (٤) القطعي، وهو مداريَّةُ المختصّ.

وجوابه أنه قد دار مع المشترك، إذ لو [لم] يَدُرْ معه لما وجبت الكفارة (٥) للباقي السالم عن معارضة القطعي، وهو مدارية المشترك بين


(١) كذا في الأصل.
(٢) «الفصول» (ق ٤ أ).
(٣) في «الفصول»: «وإلا لا يجب ثمة»، وفي هامشه: «لا يلزم».
(٤) الأصل: «المتعارض».
(٥) في الأصل: «الزكاة» خطأ.