للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهرةُ الفساد، والمحقِّقُون منهم إنما ذكروا الأولى خاصة، وهو الصواب، لكن إذا لم يكن النافي بين ذلك التقدير [ق ٣٢٢] وبين الواقع ظاهرًا فأظُنُّهم يكلِّفون المعترض بيانَ المنافاة، أو بيان عدم وقوع ذلك التقدير، أو بيان عدم جوازه.

قوله (١): (وقد يُقال في التمسُّك به: إن الواقع واقع على هذا التقدير؛ لأنَّ ما هو الثابت على هذا التقدير ثابتٌ في نفس الأمر، أو على تقديرٍ يُثْبِت جملةَ الأمور الواقعة على ذلك التقدير، وأيًّا ما كان يكون (٢) واقعًا على هذا التقدير، وإلا يلزم اجتماع النقيضين في الواقع، أو على ذلك التقدير) (٣).

هذا يقولُه من أراد الاستدلال بوقوع الواقع في نفس الأمر على أنه واقع في نفس الأمر واقعٌ على هذا التقدير؛ لأن الواقع على هذا التقدير إما أن يكون ثابتًا في نفس الأمر، أو ثابتًا على تقدير يُثْبِت جملةَ الأمور الواقعة على ذلك التقدير.

وإنما قلنا ذلك؛ لأن الثابتَ على هذا التقدير إن كان ثابتًا في نفس الأمر، فهو أحد الأمرين، وإن لم يكن ثابتًا في نفس الأمر، فهو ثابتٌ على هذا التقدير، وهذا التقديرُ يُثْبِت جملةَ الأمور الواقعة على تقدير ثبوته؛ لأن الأمور الواقعة كائنة فتبقى على التقادير الجائزة، وهذا من التقادير الجائزة.


(١) "الفصول": (ق/١١ أ).
(٢) الأصل: "وإنما يكون".
(٣) وهذا آخر كتاب برهان الدين النسفي "فصولٌ في الجدل"، وجاء في خاتمة النسخة الخطية التي اعتمدناها في المعارضة مع النسخة التي شرحها المصنِّف: "والله أعلم بالصواب، تمَّ الفصولُ، والحمد لله وحده".