للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدين على عدم الوجوب على الفقير بالأقيِسَة المعروفة من طريقتهم مما سيأتي.

وتارةً يثبتونه بالتلازم المذكور في بيان الوجوب على الفقير على تقدير الوجوب على المَدين كما تقدم ذكرُه. مثل أن يقال: لو وجبَتْ هنا لوجبت هناك، أو: لو لم يجب هناك لما وجبَتْ هُنا، أو يقال: عدم اجتماعهما من لوازم اللزوم، كما تقدم ذكرُه في التلازم.

وقد اعترفوا أن هذا لا يتم، أي لا يتمُّ للمستدل، إما لإمكان إبطاله في نَفْسِه، أو لإمكان معارضته بمثله، وكلُّ صورة من صور النكث (١) أمكن فيها أحد هذين لم تتم بل ينقطع المستدلُّ بها دون إتمامها؛ لأن تمامها إنما يكون بالدلالةِ على المطلوب، والسلامةِ عن المعارض، وبيانُ ذلك من وجهين:

أحدهما: أنه دعوى أحد الأمرين اللذين أحدهما لازم الانتفاء وذلك لا يصحُّ، كما يذكر في الاستدلال بالنصِّ، وذلك لأنه إذا قال: الوجوبُ هنا والعدم هناك لا يجتمعان، فلا بدَّ أن يقول: وأحدُهما ثابت، فينتفي الآخر، مثل أن يقول: والعدم هناك ثابت إجماعًا فينتفي الوجوب هنا، ومتى احتاج أن ينفي ثبوت (٢) أحدهما فقد ادَّعَى أحد الأمرين اللذين [ق ٢٢٩] أحدهما لازم الانتفاء؛ لأنه يقول: لا بُدَّ من أحد الأمرين؛ إمَّا العدم هنا، وإمَّا الوجوبُ هناك، وإذا ادَّعَى أحدَ أمرَيْن، وأحدهما معلوم الانتفاء في نفسِ الأمر لم يَجُزْ ذلك ولازمُ (٣) الانتفاء هو المدَّعَى؛ لأنه دعوى ما يُعْلَم عدمُه،


(١) غير منقوطة في الأصل، ولعلها ما أثبت.
(٢) هكذا قرأت هذه الجملة.
(٣) غير واضحة في الأصل، ولعلها ما أثبت.