للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيتعيَّن أن يكون المدَّعى هو الأمر الآخر، وإذا كان المدَّعَى هو الأمر الآخر ــ وهو دعوى العدم هنا مثلًا ــ فهو دعوى محلّ النزاع بعينه، فلا فائدة في الترديد والتنافي.

وأيضًا: فإن لم يمكنه إقامة الدليل على انتفاء الأمرِ الآخر الذي ينافي ثبوتَ اللازم الانتفاء، فقد أقامَ الدليل على المدَّعَى، فلا فائدة في التنافي، وإن لم يمكنه إقامةُ الدليل على انتفائه جازَ أن يكون موجودًا، وجاز أن يكون معدومًا، وحينئذٍ فلا تتحقَّقُ منافاتُه لثبوت ما عُلِم انتفاؤه.

وأيضًا: فإنه إذا ادَّعى أحدَ الأمرين اللذين قد عُلِم انتفاء أحدهما، فإمَّا (١) أن يُقِيم الدليلَ على أحدهما مبهمًا أو معيَّنًا، [وعلى كل تقدير] لم يجز أن يقيم الدليلَ [إلا] (٢) على ثبوت ما يجوز ثبوته دون ما عُلِم انتفاؤه، وأمَّا إقامة الدليل على كلٍّ منهما فلا سبيل إليه، فعُلِمَ أنه على كلِّ تقدير لا يمكنه إقامة الدليل إلا على ثبوت ما يجوز ثبوته، وأنه إن أقامَه على ما عُلِم انتفاؤه كان قد عُلِم أنه باطل فلا يفيد.

وهذا مثل إقامة الدليل في المثال المذكور على الوجوب على من مَلَك دون النصاب، فإنه إقامةُ دليلٍ على ما يُعْلَم انتفاؤه، فلا يكون مسموعًا.

وأيضًا: فإنه إذا قام الدليل على ثبوتِ ما هو لازمُ الانتفاءِ، وهو الوجوبُ على من ملَكَ دون النصاب ــ مثلًا ــ فإنه لازمُ الانتفاء، فإذا أقامَ الدليلَ على ثبوته لم يمكنه أن يقول بعد ذلك: «والعدمُ ثابت فينتفي الأول»، ولابدَّ له من


(١) كذا في الأصل، فلعلها: «فأراد» أو في الكلام نقص.
(٢) ما بين المعكوفات زيادة ليستقيم المعنى، وسيأتي على الصواب بعد سطرٍ.