للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخِدْمة وثياب البِذْلة بجامع ما يشتركان فيه من تحصيل المصلحة الناشئة من الإيجاب ... إلى آخره. وإذا ثبتَ الوجوبُ في تلك الصور ثبتت أيضًا مساويةً للفرع المقيس، فثبتَ أحدُ الأمرين، وهو المساواة، فصحَّ قولُنا: إن المقيس إما أن يكون قاصرًا عن تلك الصورة المرجوحة أو مساويًا لها.

واعلم ــ أصلحكَ الله ــ أن هذا الكلام مقابلة دعوى مجملة، وهو من باب مقابلة الباطل [ق ٢٢١] بالباطل؛ لأن القائس في فرعٍ مجهول عكس عليه الأمر، بأَن جعل ذلك الفرع الذي ادَّعاه أصلًا لصورة مرجوحة عن أصله المجهول بعد تعيين شيءٍ من صُوَرِه.

فإن قيل: كيف يتمكَّن المعترضُ من أن يدَّعي أنه إذا ثبت الحكم في المقيس ثبتَ في تلك الصورة المرجوحة بالدليل أو بالنَّصِّ مع أنَّ المسألة خلافية؟

قيل: هذا يتفق إذا كان القياس في فرع مجهولًا فاسدًا بالضرورة، وقد ركَّبه هذا التركيب، بأن يقول ــ مثلًا ــ: الزكاةُ واجبةٌ في بعض صور النزاع التي في الزكاة ــ مثلًا ــ من الوجوب [في] مال الصبي، ومال المدين، وحُلي المرأة، والمال الضائع، ونحو ذلك، قياسًا على الوجوب في بعض صور الإجماع بالجامع المشترك.

فيقال له: الوجوبُ في الماشيةِ راجح على الوجوب في الحُلي، بدليل قولِه - صلى الله عليه وسلم -: «عفوتُ لكم عن صَدَقةِ الخَيْل والرَّقيق» (١) مع


(١) أخرجه أحمد: (١/ ١١٨ رقم ٧١١)، وأبو داود رقم (١٥٧٤)، والترمذي رقم (٦٢٠)، والنسائي: (٥/ ٣٧)، وابن ماجه رقم (١٧٩٠) وغيرهم من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
ونقل الترمذي عن البخاري أنه صحح هذا الحديث. ويشهد له حديث أبي هريرة في «الصحيحين»: «ليس على المسلم في عَبْده ولا فَرسِه صدقة».