لأن أحد الأمرين لازم، وهو إمّا عدمُ المقتضي في نفس الأمر أو وجودُ مدلولِه، لأن الحال لا يخلو عن وجودِه أو عدمه. وهذا مثل ما ردَّ به المستدلّ كلام المعترض فإنه يقال هنا، فيبطل كلام المستدلّ قبل أن يَصِلَ إلى إبطال أسوِلةِ المعترض.
ويمكن معارضة المستدلّ بما ينفي التلازم على وجوهٍ كثيرة، مثل أن يقال: لو وجبت الزكاةُ على المدين لما وجبت على الفقير بالنص أو بالقياس أو بغيرهما من الدلائل. أما النصّ فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صدقةَ إلا عن ظهر غنًى"(١). أما القياس فلأنه لو وجبت للزم إضافة الوجوب إلى المشترك، ولا تجوز إضافته إلى المشترك لما فيه من إلغاء المناسبة التي اختص بها المدين، وهو مِلكُ نصابٍ زكويّ حولًا تامًّا، فإنه مقتضٍ للوجوب بدليل المناسبة والاقتران.
أو يقال: لو وجبت الزكاةُ على الفقير على ذلك التقدير للزمَ تَرْكُ العمل بالنصوص المستعملة في نفس الأمر والأقيسة الموجبة للتفريق بينهما، وهو اختصاص صورةِ المدين بما يقتضي الوجوب، أو اختصاص صورة الفقير بما يُوجب العدمَ.
أو يقال: لو وجبت الزكاة على الفقير على ذلك التقدير فإما أن يكون العدمُ لازمًا للوجوب في الجملة، إلى آخر ما ذكرناه في النكت الثلاث.
ومثل أن يقول: لو لم تجب الزكاة على المدين لوجبت على الفقير، يقرره بنفس ما ذكره المستدلُّ [ق ١٤] من النص والقياس وغيرهما.