للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعيين الشخصي أصلًا، اللهم إلا في صورة نادرة، وعند المحقِّقين ليس ذلك بقياس؛ لأن حُكْمَ الله لا يختلف باختلاف أشخاص الأفعال، وأشخاص الفاعلين، وأشخاص مواضع العلل، ومواضع الحِكَم، مثل هذا البُرّ، وهذا الخمر، وهذا الحلي، وهذا الصبيّ، وإنما يُراد بالتعيين التعيين النوعيّ، مثل أن يقيس على بعض صور وجوب الزكاة. ولا شكَّ أنها تجب في الماشية وفي النقدين وفي الحرث، ولكل واحدٍ من ذلك أحكامٌ تخصُّه.

إذا علمتَ فلا يُقْبل من القائس إلا قياسٌ على أصلٍ معلومِ النَّوْع بأخصِّ صفاته، أو على أصل قد عُلِمَت عِلِّية المشترك بينَه وبين الفرع بنصٍّ أو إِجماع أو تنبيه، كما عليه أهلُ العراق، ولكن نحن نذكرُ ما اصطلحَ عليه هؤلاء الخراسانيون.

مثالُ ذلك أن يقول: الزكاةُ واجبة في صورةٍ من الصور، فيجب في محلِّ النزاع قياسًا عليه بجامع ما يشتركان فيه من تحصيل مصلحةِ [ق ٢١٧] الإيجاب، وتثبت عِلِّية المشترك بالمناسبة والدوران كما تقدَّم.

واعلم أن هذا القياس فاسدٌ من وجوهٍ كثيرةٍ قد تقدَّم ذكرُ بعضها (١)، فإنه مجهول الأصل، مجهول الجامع. والمناسبةُ أو (٢) الدورانُ، لا يدل على عِلِّية مشتركٍ، لا يُدْرَى ما هو، ولا يُدْرَى أين هو! لأنه لابدَّ أن يقول: المشترك مناسِبٌ للحكم، أو مدار الحكم معه وجودًا وعدمًا.

فيقال له: لا نُسَلِّم أن المشترك مناسِبٌ، أو أنه مدار؛ لأن الحكم على


(١) في أول الفصل.
(٢) الأصل: «و» ولعل الصواب ما أثبت.