الشيء فرعُ تصوُّرِه، ونحن لا نعلم المشترك؛ لأن العلم بالمشترك بين الشيئين فرعُ العلم بالمشتركين، فمن لم يعلم المشتركين كيف يعلم المشترك بينهما؟!
أكثرُ ما علمنا أنَّ الوجوبَ موجودٌ في بعض الصور، وأنَّ له علةً موجودةً في تلك الصور، أمَّا أن تلك العلة هي المشترك بينَه وبينَ محلِّ النِّزاع فهذا لم نَعْلَمْه، فلابُدَّ أن يضطرَّ إلى بيانِ وصفٍ يعلم أنه مشترك، مثل أن يقول: كونه مالكًا لمال ونحو ذلك، وحينئذٍ تنهالُ الأسولةُ القادحة على هذا المشترك؛ لأن الوصفَ المذكور قد دار معه أوصافٌ كثيرة، وهو منقوضٌ بصورٍ كثيرة ومناسبة غير صحيحة؛ لانخرامها بما هو أقوى منها؛ ولأن إضافة الحكم إليه موجبُ انتقاضِها.
وإن كان أكثر الأصوليين يقولون: لا ينخرم بالمعارضة، فمعناه عندهم: أن الحكم إذا ثبت أنَّ فيه مصلحة وجبَ إضافته إليها وإن كان فيه مفسدة؛ لأن الشارع قد حَكَم به، فلا بد أن يكون جانبُ المصلحة راجحًا عند الشارع.
أمَّا إذا كانت المفسدةُ ناشئة من إضافة الحكم إلى المشترك، لا من مجرَّدِ الحكم، أو كانت ناشئة من الحكم على تقديرِ إضافته إلى وصفٍ دون إضافته إلى وصفٍ أحسن، فلا ريبَ أنَّ هذا يُفْسِد قياسَ القائس، ويُبطل ما ادَّعاه من المناسبة.
وبالجملة؛ فمن قَبِلَ هذا النوع من القياس ولم يُحَاقّ (١) صاحبه ــ كما