هذا إن سُمِعَ كلامُه، وإلا فالواجبُ إغلاقُ بابِ هذا الهذيان، وأن لا يُعَدّ صاحبُه من نوعِ الإنسان فضلًا عن أهل العلم والبيان.
وأمَّا ما ذكره المصنِّف من الردِّ فهو أن يقال: الوجوبُ في الماشية (١) أو في المضروب راجح على الوجوب في الثياب والعبيد، بدليل الوجوب في أحدِهما وعدمِه في الآخر، والافتراقُ في الحُكْم دليل الافتراق في المصلحة، وهذا ظاهر. والمقيسُ الذي هو صورة النزاع ليس براجح على الثياب والعبيد، وإذا لم يكن راجحًا يلزم تساويهما في عدم الوجوب، أو يقول: المقيسُ ليس براجحٍ على ثياب البِذْلَة وعبيدِ الخدمة، وثيابُ البِذْلَة [ق ٢٢٠] وعبيدُ الخدمة مرجوحٌ بالنسبة إلى الماشية والمضروب، بدليل افتراق الحكم فيهما، وإذا كانت بعض الصور راجحةً على ما لم يترجَّح عليه الأصل لزم تساوي الصور في هذا الرجحان، لاستوائهما في الحكم، وإذا كانت جميع صور الإجماع راجحةً على ما هو المقيس مساوٍ له أو ناقصٌ عنه= لَزِم أن يكون المقيس مرجوحًا بالنسبة إلى جميع صور الإجماع، فيمتنع القياس مع الرجحان.
واعلم أن ما لم يمكنه الاكتفاء بقياس محل النزاع المجهول على بعض صور عدم الوجوب؛ لأنه يكون معارضةَ دليلٍ تامٍّ بدليل تام، بخلاف ما إذا استلزم من ذلك رجحان صور الأصل على محل النزاع، فإنه يبطل القياس، لكن الشأن في بيان عدم رجحان محلِّ النزاع المقيس على الصورة المرجوحة عن بعض صور الأصل.
(١) الأصل: «المناسبة» تصحيف، والصواب ما أثبت ويؤيده أنها ستأتي على الصواب في الفقرة نفسها، وقد تصحفت الكلمة بمثل هذا في موضع سابق.