للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنوافِلِ حتى أُحِبَّه، فإذا أحببَبْتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسْمَعُ به وبَصَرَه الذي يُبْصِرُ به، ويَدَه التي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَه التي يَمْشِي بها، بي يَسْمَع، وبي يُبْصِر، وبي يَبْطِش، وبي يَمْشي».

الثاني: أنه قد خَرَّجا في «الصحيحين» (١) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إيَّاكُم والظنَّ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث»، وشاهده في كتاب الله: {اجْتَنِبُوا [ق ٣٠٥] كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] فكيف يقول: «ظن المؤمن لا يخطئ»، وهو ينهى عن الظنِّ ويُخْبِر أنه أكذب الحديث؟!

الثالث: لو فرَضْنا أنَّ لهذا الحديث أصلًا، أو قد قاله بعضُ المعتبرين، فيجبُ أن يُحمل على أنه لا يُخطئ ما وجب عليه اتباعُه، بمعنى أنه إذا ظنَّ ظنًّا بعد البحثِ التَّامِّ، فقد كُلِّف العملَ به، فهو (٢) لم يخطئ في طَلَبِ (٣) ما كُلِّف به، وإن كان قد يخطئ الحكم الذي أُمِر بطلبه، وعلى هذا التقدير فلا حجَّةَ فيه، لأن كلَّ مجتهد مصيب في اجتهاده، وإن أخطأ الحكمَ الذي هو حكمُ الله في نفس الأمر الذي أُمِر بطلبه، حتى إنهم مع اختلافهم لا يكونون مخطئين بهذا الاعتبار، مع أنهم لا يكون قولُهم حجةً، ولا يجوز التمسُّك به.


(١) البخاري رقم (٥١٤٣)، ومسلم رقم (٢٥٦٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وعبارة: «بي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي» ليست في الصحيح وإنما أخرجها الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول»: (١/ ٢٦٥، ٣٨٢)، وقد عزاها المؤلف في مواضع من كتبه لرواية البخاري، وبيَّن في مواضع أخرى أنها في غير الصحيح، انظر «مجموع الفتاوى»: (٢/ ٣٩٠ و ١٣/ ٦٩).
(٢) بعدها في الأصل: «حرام» ثم ضرب عليها.
(٣) الأصل: «طلبه وإذا» ولعل ما أثبته الصواب.