للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثاني في تقرير العموم: أن المراد بالثيب ونحوه إمّا أن يكون المراد به واحدًا بعينه أو عموم الجنس أو مطلق الجنس:

والأول منتفٍ بالإجماع، ثم لو ثبت في واحدٍ بعينِه فإنما ذاك لأجل الثيوبة، فإنّ الحكم إذا عُلِّق باسمٍ مشتقّ مناسب كان ما منه الاشتقاقُ علَّةً، فتكون العلةُ هي الثيوبة، فيجب عموم الحكم لعموم علته.

والثالث يقتضي العمومَ أيضًا، لأنه يقتضي تعلُّقَ الحكم بالحقيقة من حيث هي هي، [ق ١٥٥] وكلُّ فردٍ من أفراد الحقيقة قد تحققت فيه الحقيقة، فيجب أن يتعلَّق الحكم بها، لما ذكرناه من المعنى.

والثاني واضح.

الوجه الثالث: أن المانع من عمومِه إمّا أن يكون جواز إرادة الحقيقة من حيث هي هي أو شيئًا آخر، لكن الثاني منتفٍ بالأصل وبالاتفاق على أن ما سوى ذلك ليس بمانع. وهذا (١) لا يجوز أن يكون مانعًا، لأن أسماء الجموع قد يُرادُ به تعريفُ الحقيقة، ثم لم يكن ذلك مانعًا من العموم، فكذلك أسماء الأجناس.

واعلم أن الحكم المعلَّق باسم الجنس إن كان في معنى النفي ــ كالتحريم ونحوه ــ كان مفيدًا للعموم بلا تردُّد، لأن انتفاء الحقيقة لا يحصل إلا بانتفاء كلِّ فردٍ من أفرادِها، أما إذا كان إثباتًا كالإيجاب والإباحة فيظهر لك أن دلالة قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] على العموم أضعفُ من دلالة قوله: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} على العموم، فإن تحريم الربا يقتضي تحريم هذه


(١) كذا، ولعل الصواب: «والأول».