وحاصله: أن الإنسان قد يسعى في إزالة ملكه وفي تعريض نفسه للعقاب، فلا تكون سلامته عن ذلك مطلوبًا له؛ لأن المطلوب لا يبطُل ويعدم ويزال. فقال: هذا متعارض بأنه سعى في إيجاد هذه السلامة، والسعيُ لا يكون لتحصيل شيءٍ إلا وهو مطلوب؛ لأنَّ ما لا يُطْلَب لا يُسْعَى في إيجاده، لكن يمكن أن يُقال: المستدلُّ لم يُقِم دليلًا على أن المجموع مطلوب، فإذا أقام السائلُ دليلًا على كونه غير مطلوب، وعارضَه المستدلُّ بما يدلُّ على كونه مطلوبًا، بقيت دعوى كونه مطلوبًا ليس عليها [دليل] سليمٌ عن المعارضة، فلا تكون مقبولة، وهذا ظاهر.
قوله (١): (ولئن منع كونه إضرارًا في الإسلام. فنقول: الإضرار في أحكام الإسلام مُجْمَلٌ بطريق حذفِ المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، وقد تحقَّق في واحدٍ منها فتحقَّق فيها).
أما مَنْع السائل كون الإيجاب إضرارًا في [ق ٢٩٠] الإسلام فَمَنْعٌ مُوَجَّه، فإن الإسلام هو: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. وهذه الأمور لا إضرار فيها.
وأيضًا: فإن الإسلام هو الدين الذي يفعله العباد، والإيجاب ليس هو في أفعال العباد.
فإن قيل: هو متعلِّق بالأفعال، فيصح أن يُقال: هو فيها، ويدلُّ عليه أنه يصح أن يُقال: الإسلام فيه إيجاب وتحريم، وأمر ونهي.