للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها، وإن منع عدمه قال مثل ذلك. وإذا أمكن المعترضَ مثلُ ذلك لم يتم استدلال المستدل بجعل المدار شيئًا منكَّرًا، فإن كان المدار منكَّرًا مخصوصًا ــ وهو المبهم ــ مثل أن يدّعي مداريَّةَ أحدِ شيئين أو أشياءَ فإن هذا قد يتم إذا لم يُمكِن المعترضَ أن يعارضَه بمثله، وذلك بأن يكون الحكم متخلفًا عما يقال في مقابلته، فلا يتم قول المعترض.

قال المصنف (١): (أما إذا كان المدارُ معينًا فإنه يتم، كما إذا قال في هذه المسألة بأن الهتْكَ ــ وهو إفساد صوم رمضان بأحد الأفعال الثلاثة عن تعمُّد أول مرة ــ موجبٌ لوجوب الكفارة، فإن (٢) الوجوب دارَ معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي فصل الوقاع أول مرة، وأما عدمًا فظاهر، ودورانُ الأثر مع الشيء وجودًا وعدمًا آيةُ كونِ المدارِ علةً (٣) للدائر، كما في النظائر).

أما المدار المعيّن المعلوم فالاستدلال به جائز في الجملة، وهذا المثال الذي ذكره قد تعيَّن مدارُه وإن تنوَّع الإفساد، لأن القدر المشترك بين الجميع ــ وهو الإفساد بواحدٍ منها ــ متعين، وهذا بخلاف المدار المبهم أو المنكّر، فإنه غير متعين.

واعلم أنّا نرتضي أن الدوران يفيد كونَ المدار علةً للدائر، بشرطِ أن لا يُزاحمه مدارٌ آخر، فإن دارَ مع أشياء لم يجز الحكم بجعل أحد تلك المدارات علةً دون الآخر، ولا بأن يُجعل الأعمّ هو العلة دون الأخصّ إلا بدليل مفصّل، إذ الحكم قد يقترنُ به صفات كثيرة، لا تتميز العلة عن غيرِها


(١) «الفصول» (ق ٣ ب- ٤ أ).
(٢) في «الفصول»: «لأن».
(٣) في الأصل: «أنه كون المدار عليه الدائر» تصحيف.