هو مطلق عام، وحينئذٍ فلا يخلو إمّا أن يكون دالًّا أو غيرَ دالٍّ، فإن كان غيرَ دالٍّ بَطلتِ الملازمة، وإن كان دالًّا لزِمَ الوجوبُ على الفقير والمدين جميعًا، وهو خلافُ الإجماع وخلافُ المدَّعَى، لأن المدَّعَى نفي الوجوب عليهما جميعًا، وقد مرَّ التنبيهُ على هذا.
فإن قال: هو دالٌّ على ذلك التقدير، وليس بِدَالٍّ على عدمِه.
قيل له: إما أن يكون هذا التفصيل معلومًا من هذا التفصيل أو من غيرِه، ولا يجوز أن يكون معلومًا من غيرِه، فذاك دليل يدلُّ بخصوصِه على الملازمة، وهذا إذا صح فلا شك في ثبوت كلام المستدل، فأختم به كلامه.
فإن قيل: فَمَن الذي صحَّ كلامه؟ المستدلّ أو المعترض؟
قلنا: إن كان المستدلُّ أثبتَ الملازمةَ بدليلٍ يَدُلُّ على خصوصِ التلازم، بأن أثبتَ أنه بتقدير الوجوب على المدين يزول المانع عن الوجوب على الفقير، ولم يَعترض عليه السائلُ إلّا بما يمنع الوجوب على الفقير في نفس الأمر= كلام المستدلِّ صحيح وكلامُ المعترض باطلٌ.
وإن كان المعترضُ قَدَحَ فيما يدَّعيه المستدلُّ من قيامِ مقتضٍ أو وجودِ معارضٍ بما يوجب قيامَ النافي على ذلك التقدير= فحينئذٍ يتعارضُ كلامهما، ويَبقى الرجحان لمن قَوِيَ دليلُه بحسب موادِّ المسائل والأدلة الدالة على صحةِ التلازم وفسادِه، ولكل مسألةٍ نظرٌ خاص، فمحالٌ أن يُحكم في جميع المسائل برجحان أحد الطرفين للمحتج بالملازمة أو للمانع منها.
وإن كان المستدلُّ إنما أثبت الملازمة بما يدلُّ على ثبوت اللازم في الجملة من الأدلة العامة التي لا يختصُّ ثبوتُه على تقدم ثبوت الملزوم=