فكلامُه باطلٌ، وكلامُ المعترض هو الحق، لأنه احتجَّ بالباطل واستدلّ بدليلٍ علم أنه باطل، وخصَّه [و] ليس في تلك الأدلة ما يخصُّ ذلك التقدير، ولا في ثبوت ذلك التقدير ما يقتضي ثبوتَ مدلولِ تلك الأدلة. وهو نظير قول مَن يقول: لو وجبت على الغني لوجبتْ على الفقير بالأدلة الموجبة، أو يقول: لو وجبت الصلاة لوجبت الزكاة على الفقير بالأدلة الموجبة، أو: لو كانت السماء موجودةً والشمسُ طالعةً والماءُ مائعًا والترابُ حارًّا وجبت الزكاة على الفقير بالأدلة الوجبة، ويذكر من [ق ٣٩] الأدلة ما يقتضي الوجوب، من غير تعرضٍ لذلك التقدير، ثم يدَّعي أن اللازم منتفٍ، فينتفي الملزوم، ولقد صدقَ في قوله: إن اللازم منتفٍ، لكن لم ينتف (١) بما ينفي ذلك التقديرَ، بل انتفى بما يُوجِب انتفاءَه، سواءٌ فُرِضَ وجودُ ذلك التقدير أو عدمُه، فلا يلزم من انتفائه انتفاءُ ما ليس وجودُه متعلقًا بوجودِه، ولا عدمُه متعلقًا بعدمِه.
وسلوكُ مثل هذه الملازمة فاسدٌ في الأصل من وجهين:
أحدهما: أنه ادّعَى الملازمةَ ولم يُقِم عليه دليلًا.
الثاني: أنه ذكر أن الدليل يدلُّ على ثبوت اللازم على ذلك التقدير، واللازم في هذه الملازمات مثل المثال المذكور لا بدَّ أن يكون منتفيًا في نفس الأمر، كالوجوب على الفقير، وحينئذٍ فلا يكون عليه دليلٌ يدلُّ على الوجوب وعلى ثبوت اللازم، وإذا ذكر عمومًا أو قياسًا مطلقًا أو غير ذلك من الأدلة، فقد عُلِمَ قطعًا أنه غيرُ دالٍّ على ثبوت اللازم، وأنه متروكٌ في تلك الصورة، أو هو غير دليل.