الثاني: أن المراد به الاقتداء بهم في الرواية، لا في الرأي، يعني: تصديقَ كلٍّ منهم فيما أخبرَ به عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الاقتداءَ بكلٍّ منهم لا يكون اهتداء في كلِّ حالٍ إلا فيما أخبروا به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا تأويلُ المزني.
والثالث: أن الخطابَ للعامة دونَ أهلِ الاجتهاد. وهو بعيد، إذ ليس في الحديث تخصيص.
الرابع: أن المراد الاقتداء بكلٍّ منهم في جملةِ أُموره، فإنهم متفقون في أكثر الأقوال والأفعال، والخلافُ مغمور بالنسبةِ إلى الوفاق، فمن اقتدى بكلٍّ منهم في جميع أمورِه كان مهتديًا على صراطٍ مستقيم، غايةُ ما فيه أنه ربما يخطئ في قليلٍ من مسائل الفروع، وللمخطئ فيها أجر، وخطؤه مغفورٌ له، وذلك لا يُخرجه عن أن يكون مهتديًا، فإنَّ كلَّ واحدٍ من الصحابة مهتدٍ وإن كان قد أخطأ في قليلٍ من المسائل، فإن الخطأ القليلَ المغفور الذي يُثابُ معه الإنسان على اجتهادٍ لا يمنعه أن يكون مهتديًا.
وهذا ــ والله أعلم ــ وجهُ الحديث، ولهذا شَبَّههم بالنجوم التي في السماء، فإنها كلَّها أدلة وأعلام على الطريق لمن يقصد مكةَ أو غيرها من البلاد، فبأيِّ نجمٍ اهتدى السَّاري دلَّه على بُغْيَتِه ومقصده، وكذلك أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بأيِّهم اقتدى المقتدي أوْصَلَه إلى صراطٍ مستقيم، ودلَّه على الله ودعاه إلى الحقِّ.
واعلم أنه لا يمكن الاستدلال بهذا الحديث على أن قول الصحابيِّ