للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُجَّة مُلْزِمة، بأن يقال: اتِّباعُه في قوله اقتداء به؛ لأن الاقتداء جَعْلُه قدوةً وإمامًا، ومن اتَّبعه في قولِهِ فقد جعل قدوةً وإمامًا، والاقتداءُ به اهتداءٌ بنصِّ الحديث، فيكون موافقته في قوله اهتداء، والاهتداءُ واجبُ الاتِّباع بالاتفاق؛ ولأنه لو لم يجب القول بهذا الاهتداء؛ لكان إما [أن] تُعَطَّل الحادثة عن قولٍ، وهو غير جائز لمسيسِ الحاجة إلى الفتوى والحكم، أو يقال فيها (١) بخلاف الاهتداء، وخلافُ الاهتداء ضلالٌ، والضلالُ حرام؛ ولأنَّ من لا يجعل قولَهم حُجةً يُجَوِّز أن يخالفوا (٢)، وإنما تجوزُ مخالفتهم لمن يعتقد أن الصوابَ في قولِ غيرِ الصحابيِّ، فيكونُ قولُ الصحابيِّ خطأً، والخطأ لا يكون هدًى؛ ولأن قولَه الاقتداءُ به الاهتداء، والاهتداءُ: إصابةُ الحقِّ، من قولك: هديتُه أهدي هدًى، إذا دللتَه على الحقِّ وبيَّنْتَه له، وأرشدْتَه إليه، فالمَهْدِيُّ هو المَدْلول على [ق ٣٠٨] الحق المُرْشَد إليه المُبَيَّنُ له، فإذا قَبِل تلك الدلالة فهو مَهْدِيّ (٣)، فَعُلِمَ أن الاهتداءَ نفسُ إصابة الحق، فعُلِم أنَّ قولَه صوابٌ، ولا نعني بكونه حُجَّةً إلا هذا.

فإن قيل: هذا منقوضٌ بما إذا اختلفوا، أو خالف الواحد منهم نصًّا.

قلنا: الحديث إنما يدلُّ على الاقتداء بهم حال عدم التعارض؛ لأنَّه شبَّههم بالنجوم، والنجمُ إذا دلَّ على جهةِ القصد عُمِل بدلالته إلا أن تُعارضه دلالةُ نجمٍ آخر، وتَرْكُ الدليل لمعارضٍ لا يمنع كونه دليلًا، كأخبار الآحاد والأَقْيِسَة والعمومات وأسماء الحقائق والأمر والنهي.


(١) تكررت في الأصل.
(٢) الأصل: «يخالفون».
(٣) تحتمل: «مهتدي».