اسم التخصيص؟ فإن الواضع لو وضعَ اسم التخصيص على بعض ما يجامع أحدهما لم يكن محالًا.
وإن قال: يلزم عدمُ المعنى الذي فسَّرنا به التخصيص.
قلنا: نعم، ولكن لمَ قلت: إن ذلك هو معنى لفظ التخصيص؟ فإن هذا أولُ الكلام. وأيضًا فإن الاستدلال بهذين الدليلين موقوفٌ على المقتضي لتحقُّقِ موجب العموم وعلى النافي للتخصيص، ولا شكَّ أنّ معرفة معنى التخصيص أمرٌ متفقّ عليه أظهرُ من هذين الأصلين، فكيف يثبت الأقوى بالأضعف؟
واعلم أن المرجع في ذلك إلى استقراء صور الاستعمال ومعرفة صور الوجود وصور العدم، وهذا [ق ١٥٠] قد يُقطَع به، وقد يَغلب على الظنّ. وأدنى الأحوال أن يُستدلَّ على الأشياء باستصحاب الحال، بأن يقال: قد وجدناهم يستعملون لفظ التخصيص في موضع كذا وكذا وكذا، وقد اشتركت هذه المواضع في هذا المعنى، والأصل عدم موضع آخر لا يُوجد فيه هذا المعنى.
وإن سلك الطريقة المحققة قال: هذا اللفظ مطابقٌ لهذا المعنى عمومًا وخصوصًا، وملازمٌ له وجودًا وعدمًا، لأنا وجدناه مقرونًا به في موضع كذا وكذا، والأصل عدم وجود أحدهما منفردًا عن الآخر. وقد يمكن التقسيم الحاصر إذا كان حكم الأقسام مسلَّمًا أو معلومًا، سواء كان في جانب الوجود أو العدم، مثل أن يقال: اللفظ إمّا أن يكون متناولًا للمعنى أو لا يكون، فإن لم يكن متناولًا فلا تخصيص، لم يبق إلّا إذا تناوله اللفظ وهو غير مراد، وهذا حسنٌ إذا سلّم انتفاء التخصيص في القسمين الأولين. والله