للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لموارده [و] يكون [المعنى] موجودًا بدون اللفظ، وإذا كان المعنى موجودًا بدون اللفظ لم يكن حقيقة اللفظ مع أنه عام لموارده. وعلى هذا [ق ١٥١] التقدير فلابدّ من معنًى يكون عامًّا لموارد الاستعمال، ويكون اللفظ عامًّا لموارده هو حقيقة اللفظ، ولا يلزم اشتراك ولا مجاز. وإن شئتَ قلتَ: غير هذا المعنى إذا كان حقيقة اللفظ فإنه يكون عامًّا أيضًا لمواردِه، ولا اشتراك ولا مجاز. وإن شئت قلت ما هو أعمّ من هذا المعنى وأعمُّ من الأعمّ وهَلُمَّ جرًّا، كلُّها مغايرةٌ لهذا المعنى. ولو كانت حقيقة اللفظ لم يلزم اشتراكٌ ولا مجاز، لأن اللفظ يكون حينئذٍ دالًّا على القدر المشترك بينهما، كلها بطريق الحقيقة.

وإن عنيتَ بالغير معنًى لا يكون عامًّا، فإنه على هذا التقدير يلزم الاشتراك أو المجاز، لأن حقيقة اللفظ إذا لم تكن عامّةً لمواردِه فاستعمال اللفظ في بقية الموارد إن كان بطريق الحقيقة أيضًا كان للَّفظ حقيقتان، وهو المشترك، وإن كان بطريق المجاز لزم المجاز، لكن إذا بطل ما ليس بمعنًى عام وهذا عام فلِمَ قلتَ: إنه حقيقة اللفظ؟ إنما يثبت ذلك إذ لو كان لا معنى عام إلّا هذا، لكن هنا معاني (١) كثيرة عامة. أو يجوز أن يكون هنا معنًى عام أو ما هو أعمُّ من هذا المعنى عامٌّ أيضًا بالضرورة، أو ما هو أخصُّ من هذا المعنى عامٌّ أيضًا إن أمكن بيانُ ذلك. وقد تقدم الكلام على هذا.

واعلم أن قوله: «فإن الغير [لا] يكون حقيقة له» ظاهرُه أنه يعني: غيرُ هذا المعنى لا يكون حقيقة، لأنه لو كان حقيقةً لزمَ الاشتراك أو المجاز، كما ذكرنا في التقرير الأول، وهذا فاسدٌ بالضرورة كما تقدم.

قال المصنف (٢): (ولئن قال: لِمَ قلتم بأن اللفظ تناولَه؟ فنقول: بدليل صحة الاستثناء).


(١) كذا الأصل.
(٢) «الفصول» (ق ٦ ب).