للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأقيسة المجمع عليها من هذا الباب، فليس هذا شرطًا على الإطلاق.

وإن قال: هو شرط في هذه الصورة.

قلنا: هذا أمر اتفاقي، والأمور الاتفاقية لا تكون شروطًا في الأدلة الشرعية.

الوجه الخامس: أن هذا الكلام يقدح في القياس القطعي والظني، وما قَدَح فيهما فهو باطلٌ، يقدح فيهما لأنه إذا اشترط جواز العدم في أحدهما قدح في اليقيني، وإذا كان هو يجوِّزُ عدمَه والمشترك لا يجوز عدمه قَدَحَ في كل قياس جاز عدم العلة فيه عن أحدهما، وذلك قدحٌ في جميع الأقيسة الظنية، بل نفس هذا الكلام يقتضي فسادَ كلِّ قياسٍ يُعلَم أنه باطل.

الوجه السادس: أن قوله: «إلى ما هو جائز العدم والمشترك ثابت قطعًا» إشارة إلى كون العلة قطعية وظنية، والدليل عليه إجماع الناس على أنه يجوز أن يكون ثبوت المشترك في الأصل والفرع قطعيًّا، بمعنى أنه يجب أن يقطع بوجوده فيهما (١) وبأن الحكم مضافٌ إليه فيهما، فإن ذلك إذا وُجِد يكون القياس يقينيًّا، وحينئذٍ لا يخالف فيه أحد. وما سوى ذلك فهو القياس الظني، وهو حجة عند القياسيين في الجملة، فلا يُقبَل منعُ الاحتجاج به ممن شرع في الكلام عليه، إذ شروعُه في الكلام عليه تسليمٌ لأصل الاحتجاج به، ثم هو على الخلاف إجماع الفقهاء المعتبرين. وكون الشيء قطعيًّا وظنيًّا نسبةٌ له إلى اعتقاد العباد، وذلك لا يؤثر فيه، فإن حقيقته في نفسه لا تتغيَّر بتغيُّر اعتقاد الناس فيه، وإنما يتغير حكم الناس بتغيُّر اعتقادهم، فإن كان اعتقادهم


(١) الأصل: «فيها».