للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يليق بهذا الموضع هو القياس الفرعي، وللناس في تعريفه عباراتٌ كثيرة ليس [هذا] موضع ذكرها، أشهرها عند الجدليين: ردُّ فرعٍ إلى أصلٍ بعلةٍ جامعةٍ بينهما، أو إثبات حكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في علة الإثبات، أو اعتبار الشيء بغيره في إثباتِ حكمه فيه أو نفيه عنه، ليعمّ قياس الطرد والعكس.

قال المصنف (١): (القياس تعدية الحكم المتحد [ق ٥٤] من الأصل إلى الفرع بعلةٍ متحدة فيهما).

قوله: «الحكم المتحد» أراد به أن يكون حكم الفرع والأصل واحدًا (٢)، لأنه لو كان حكم الأصلِ تحليلًا والفرعِ إيجابًا لم يصحّ القياس. وكذلك العلة لابدّ أن تكون واحدةً في الأصل والفرع، إذ لو ثبت الحكم في الأصل بعلةٍ وفي الفرعِ بعلةٍ أخرى لم يصحّ القياس أيضًا، وذلك لأن القياس إثباتُ مثلِ حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم، فلو لم يتحد الحكم والجامع لم يتحقق هذا الحدّ. وهذا ظاهر في الجملة، ويخرج قياس العكس عن أن يكون قياسًا. وفيه بحوثٌ دقيقة ليس هذا موضعها.

قال المصنف (٣): (وسبيلُه أن يقال: الوجوب ثابتٌ في المضروب بالإجماع، فكذا في صورة النزاع بالقياس عليه، لأن الوجوب في المضروب إنما كان تحصيلًا للمصالح المتعلقة بالوجوب، كتطهير المزكي وغيره بشهادة المناسبة، ونعني بالمناسبة مباشرة الفعل الصالح لحصول


(١) «الفصول» (ق ٤ ب).
(٢) في الأصل: «واحد».
(٣) «الفصول» (ق ٤ ب).