للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انفراد أحدهما بالاستدلال دون مرجِّح، وهذا ظاهر فتأمَّلْه وما شابهه، فإنه إذا سَلَّم أن جواز الإرادة يقتضي الإرادة أمكن إفساد أكثر الاستدلالات المموَّهَة بهذا التحقيق.

واعلم أن دعوى إرادةِ صورة النزاع (١) قد اختلفوا هل تجامع دعوى إرادة صورة النزاع، أو دعوى إرادة مقيَّد بقيدٍ مُدْرج فيه صورة النزاع؟

ومنشأُ هذا التردُّد: أن اللفظ العامَّ إنما يندرج فيه الأفراد من جهة اشتراكها في المسمَّى الذي دلَّ عليه العموم، وهو الرحمة أو الإنسانية مثلًا، لا من جهة ما يمتاز به كلُّ فردٍ عن الآخر، لكن يلزم من دخول الفرد دخول مواده التي تميّزه (٢)، فهو دال على مجموع الأفراد بطريق المطابقة، وعلى فردٍ فردٍ بطريق التضمُّن، وعلى ما يمتاز به كل فرد عن الآخر بطريق الالتزام [ق ٢٦٠] فدعوى إرادة الحقيقة، وإرادة صورة النزاع بدلالتين جائز، أما بدِلالةٍ واحدةٍ فلا يجوز.

وقد اعتقد بعضُ الناس أن دعوى إرادة صورة النزاع دعوى إرادة المجاز، وجَعَل دلالة التضمن واللزوم مجازيَّتين، وهذا إنما يصح أن لو جعل اللفظ دالًّا على ذلك فقط، أما إذا جعل ذلك بعض مدلولات اللفظ فلا يصح.

قوله (٣): (الثالث: دعوى إرادة المقيد بقيدٍ يندرج فيه صورة النزاع


(١) كذا، ولعل الصواب: «إرادة الحقيقة» كما في الفقرة الآتية.
(٢) الأصل: «تعين» ولعل الصواب ما أثبت بدليل ما قبله.
(٣) «الفصول»: (ق/٩ ب).