الحادي عشر: أنّا إذا سلَّمنا صحةَ الدعوى كان حاصلُها أنّا ندَّعي الحكمَ في الفرع على تقدير عدم الإضافة إلى المشترك، امتنع أن يكون المدَّعى هو الإضافة إلى المشترك، فيكون هو الحكم في الفرع، ونحن نسلِّم أن يُدَّعَى ذلك لكن [لا تُقبل دعواه] بغير دليل، فإن استدل بالقياس المذكور كان دورًا، وإن استدل بغيرهِ فذاك دليلٌ مستقل، وذلك انقطاعٌ عن إتمام الدليل الذي استدلَّ به.
الثاني عشر: أنه إذا ادعى هذه الدعوى فقد رجع عن دعوى الإضافة إلى المشترك عينًا، وذلك يُبطِلُ دليلَه.
واعلم أنك إذا فهمتَ حقيقةَ كلامه فلك أن تتصرفَ بالأدلة الدالة على فساده، وتُخالفَ بين تركيباتها، حتى يُمكِنك أن تذكر وجوهًا كثيرةً من صور الاستدلال وأنواعه، الدالة على فساد هذا الكلام الذي قد عُلِمَ فسادُه بالضرورة. فإن ما عُلِمَ صحتُه أو فسادُه بالضرورة لم يمتنع أن تكونَ هناك أدلةٌ تقتضي صحتَه أو فسادَه، بل الواقع كذلك، فإنّ تواردَ الأدلة على المعلومات واقعٌ في الموجودات. لكن قد يقال: الدليل لا يُحتاج إليه، وقد يقال: بل فيه فوائد، وهو خُطور المدلول بالبالِ عند ذهولِه عن حقيقةِ التصور وعن سائرِ الأدلة، والاستدلال بها على من عَسَى ذِهنُه يَقصُرُ عن درك الحقيقة، أو من يَنفِي الحقيقةَ جدالًا وعنادًا، إلى غير ذلك من الفوائد. ومدارُ إبطالِه هنا على الملازمة بين الإضافة إلى المشترك وبين ثبوت الحكم في الفرع كما قدمناه، وعلى أن الدليل الذي شرعَ فيه قد [ق ١٠٨] بطلَ، وصَار مُدَّعيًا محضًا.