والمعارضة أن الانتقالَ يكون قبل ثبوت المقدّمات ولزوم الدليل منها، بل ينتقل إذا منع المقدمات أو عُورِضَ فيها إلى دليل مستقل. والمعارضة تكون بعد ثبوت المقدمات ولزوم الدليل منها، فيعارضه المعترض في المقدمة أو في حكم الدليل، فيعارض المعترض بدليل آخر، إمّا في نفس مقدماته أو بعد ثبوتها، ليسلم الدليل الأول، فإن الدليلينِ راجحانِ على دليل واحد إذا كانت متكافئةً في القوة.
العاشر: أن يُقال: قولك «المدعى أحدهما منضمًّا إلى الدليل المانع من الإضافة»، فذلك المانع من الإضافة إما أن يكون واقعًا في الواقع أو غيرَ واقع، فإن كان واقعًا فقد بطلت الإضافة إلى المشترك، فيبطلُ أصلُ الدليل، لأن ثبوتَ الحكم في الفرع لم تُثبته إلا بالقياس على الأصل بواسطة الإضافة إلى المشترك، وإن لم يكن واقعًا فقد ادعيتَ أحدَهما [ق ١٠٧] منضمًّا إلى أمر غير واقع، فكأنك قلت: أدّعي دعواي إذا كانت الأمور التي ضممتُها إليها غير واقعة، وإذا كانت الضميمةُ غيرَ واقعة لزمَ عدمُ وقوع ملزومها وهو الدعوى، فتكون قد ادعيتَ أحدهما بتقدير كونهما غير واقعينِ، وذلك دعوى وجودِ الشيء بتقدير عدمه، وهو دعوى كون الموجود معدومًا، وهو دعوى المحال.
وكذلك يقال على قوله:«المدعى أحدُهما بتقدير عدم أحدهما». يقال: عدم أحدهما إن كان غيرَ واقع فقد ادعيتَ أحدَهما بتقدير غير واقع، وهو دعوى المحال كما مرَّ، وإن كان هذا التقدير واقعًا، وهو عدم أحدهما، فذلك المعدوم إن كان حكم الفرع فقد بطلَ أصلُ الدعوى، وإن كان الإضافة إلى المشترك فقد بَطَلتِ الإضافةُ إلى المشترك، فيبطلُ الدليلُ الذي ذكرتَه في