فيقال له: قولك: «المدعى أحدُ الأمرين ابتداءً، منضمًّا إلى ما ذكرتم من نفي الإضافة إلى المشترك» نفي الحكم في الفرع بالإجماع والمناسبة والدوران والنافي لغير ذلك؛ وتسليم المستدل لذلك في أول استدلاله، فإذا ادعيتَ أحدَهما [ق ١٠٦] بنفيِهما جميعًا فقد ادعيتَ الجمعَ بين النقيضين، لأنك ادعيتَ وجودَ أحد الشيئين مع انتفائهما جميعًا.
وكذلك أيضًا قوله: المدعى أحدهما على تقدير [عدم] أحدهما.
جوابه أن يقال: ثبوتُ أحدِهما على تقدير [عدم] أحدهما محالٌ وجمعٌ بين النقيضين، لأن أحدهما إن كان هو الإضافة إلى المشترك فلا يصح دعواه على تقدير عدم الحكم في الفرع، لأن وجوده مستلزمٌ للحكم في الفرع، فكيف يكون موجودًا ولازمه معدوم. وإن كان أحدهما هو الحكم في الفرع فهو مستلزم للإضافة إلى المشترك، فكيف يصحُّ دعوى وجودِه مع انتفاء لازمه؟ فحاصله أنهما متلازمانِ لما مَرَّ غير مرةٍ؛ فدعوى أحدهما على تقدير عدم أحدهما دعوى وجود الملزوم مع عدم اللازم، أو دعوى انتفاء اللازم مع وجود الملزوم، وذلك فاسدٌ بالضرورة كما عُرِفَ في التلازم.
التاسع: أن يقال: هَبْ أنك تدّعي أحدهما مع الانضمام إلى الدليل، أو تدّعي أحدَهما على تقدير عدم أحدهما، لكن مجرد الدعوى لا يُحِقُّ حقًّا ولا يُبطِل باطلًا، فلا نسلِّم ثبوتَ المدعى، فعليك إثباته، فإن أثبته بما ذكره من الكلام كان دورًا أو تسلسلًا، وهو باطل. وإن أثبته بغيره فقد احتاج إلى دليل ثانٍ يدل على الحكم في المسألة، وذلك انتقالٌ من دليلٍ إلى دليلٍ قبلَ تمام الأول، فيكون انقطاعًا، أو أن يكون معارضةً صحيحة للمعترض في معارضته ليسلم الدليل الأول، وهذا يكون مقبولًا. والفرق بين الانتقال